ثمّ قال رحمهالله / :
ثلاثة بالتّاء قل للعشر |
|
في عدّ ما آحاده مذكّره |
في الضّدّ جرّد والمميّز اجرر |
|
جمعا بلفظ قلّة في الأكثر |
كان قياس العدد المميّز بجمع (١) ـ وهو ثمانية ألفاظ : الثّلاثة والعشرة وما بينهما ـ أن يستعمل بالتّاء مطلقا ، لأنّ مسمّياتها جموع ، والجموع الغالب عليها التأنيث ، إلّا أنّهم أرادوا التّفريق بين المذكّر والمؤنّث ، فجاؤوا بالتّاء الّتي هي الأصل مع المذكّر ، لأنّه الأصل ، وجرّدوه (٢) منها مع المؤنّث ، لطلب الفرق فقالوا : «ثلاث نسوة ، وأربعة رجال» ، قال تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ)(٣) [الحاقة : ٧].
ثمّ الاعتبار في التّذكير والتّأنيث بالآحاد لا بصورة الجمع ، فتقول : ثلاثة اصطبلات (٤) ، وثلاثة حمّامات ، لأنّ آحادها «إصطبل ، وحمّام» ، وهما مذكّران (٥) ، وتقول : «ثلاث إوزّين» ، لأنّ واحده ، «إوزّة».
وليس الاعتبار في ذلك بلفظ الواحد دون معناه ، حتى يقال : «ثلاث طلحات» ، ولا (٦) بمعناه دون لفظه ، حتّى يقال : «ثلاث شخوص» مرادا به نسوة ، ولكن ينظر إلى ما يستحقّه بالمفرد باعتبار نعته ، وضميره ، فيعكس ذلك في العدد ، فكما يقال : «حمزة صالح» (٧) ، و «زينب شخص (٨) يحسن إلى أهله» ، تقول في عددهما : ثلاثة حمزات ، وثلاثة أشخص.
__________________
(١) في الأصل : لجمع.
(٢) في الأصل : وجودوه.
(٣) قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ١٠٨): «ثم إن محل لزوم عدم المطابقة إذا كان المعدود مذكرا مؤخرا عن العدد ، فإن كان محذوفا أو قدم على العدد جاز في العدد وجهان : المطابقة وعدمها وهو الغالب ، فمثال الحذف قوله عليهالسلام : «ثم أتبعه بست من شوال» الأصل : «بستة» بالتاء ، لأن المعدود وهو «أيام» مذكر ، فالقياس تأنيث العدد لكنه لما حذف ذكر العدد ، ومثال التقديم «مسائل تسعة» والقياس : «تسع» ، لأن المعدود مؤنث لكنه لما قدم المعدود جاز وجهان في العدد». انتهى.
(٤) في الأصل : اصطبلا.
(٥) ولا تقل : «ثلاث» بترك التاء خلافا للبغداديين والكسائي ، فإنهم يعتبرون لفظ الجمع ، فيقولون : «ثلاث اصطبلات وثلاث حمّامات».
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٧١ ، الهمع : ٥ / ٣٠٨ ، شرح المرادي : ٤ / ٣٠٢ ، شرح الأشموني : ٤ / ٦١ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٣٦١.
(٦) في الأصل : الواو. ساقط.
(٧) في الأصل : وصالح. راجع التصريح : ٢ / ٢٧١.
(٨) في الأصل : وشخص. راجع التصريح : ٢ / ٢٧١.