[علّة إدخال أن في خبر عسى]
فإن قيل فلم أدخلت في خبره أن؟ قيل : لأنّ «عسى» وضعت لمقارنة الاستقبال ، و «أن» إذا دخلت على الفعل المضارع أخلصته للاستقبال ، فلمّا كانت «عسى» موضوعة لمقارنة الاستقبال ، و «أن» تخلص الفعل للاستقبال ؛ ألزموا الفعل الذي وضع لمقارنة الاستقبال «أن» التي هي علم الاستقبال.
[دليل انتصاب أن وصلتها في خبر عسى]
فإن قيل : فما (١) الدّليل على أنّ موضع «أن» وصلتها النّصب؟ قيل : لأنّ معنى «عسى زيد أن يقوم : قارب زيد القيام» والذي يدلّ على ذلك قولهم : «عسى الغوير أبؤسا» (٢) ، وكان القياس أن يقال : عسى الغوير أن يبأس» إلّا أنّهم رجعوا إلى الأصل المتروك ، فقالوا : «عسى الغوير أبؤسا» فنصبوه بعسى ؛ لأنّهم أجروها مجرى قارب ، فكأنّه قيل : «قارب الغوير أبؤسا» ؛ وهو جمع بأس ، أو بؤس.
[علّة حذف أن في خبر عسى أحيانا]
فإن قيل فلم حذفوا «أن» / من خبره / (٣) في بعض أشعارهم؟ قيل : إنّما يحذفونها في بعض أشعارهم ؛ لأجل الاضطرار تشبيها لها ب «كاد» ، فإنّ كاد من أفعال المقاربة ، كما أنّ عسى من أفعال المقاربة ؛ ولهذا (٤) الشّبه بينهما ، جاز أن يحمل عليها في حذف «أن» من خبرها / في / (٥) نحو قوله (٦) : [الوافر]
عسى الهمّ الذي أمسيت فيه |
|
يكون وراءه فرج قريب |
__________________
(١) في (س) وما.
(٢) ينسب هذا المثل إلى الزّبّاء ، ويقال : إنّها قالته حين علمت أنّ قصيرا بات مع رجاله في غار صغير في طريق عودته من العراق ؛ فانهار عليهم ، أو أتاهم أعداؤهم ، فقتلوهم فيه ، فصار مثلا لكلّ شيء يخاف أن يأتي منه شرّ ؛ وقيل غير ذلك. والغوير : تصغير الغار. راجع مجمع الأمثال (ط مصر ، ١٣٥٢ ه) ، ١ / ٤٧٧. واللّسان : مادة (عسي).
(٣) في (ط) في خبرها.
(٤) في (س) فلهذا.
(٥) سقطت من (س).
(٦) القائل : هو الشّاعر هدبة بن خشرم ، كان راوية للحطيئة ، وكان جميل بن معمر العذريّ راوية له. مات نحو سنة ٥٠ ه. الشّعر والشّعراء ٢ / ٦٩١ ، والأغاني ٢١ / ١٦٩.
موطن الشّاهد : (يكون وراءه).
وجه الاستشهاد : حذف «أن» في خبر «عسى» للضّرورة الشّعريّة ؛ لأنّ الأصل : عسى الكرب. . . أن يكون.