والمفعولين على الحدث ، وعلى ذات الفاعل ، والمفعول به ، فلمّا لم يكن المصدر كذلك ؛ دلّ على أنّه ليس مشتقّا من الفعل.
والوجه السّادس : أنّ المصدر لو كان مشتقّا من الفعل ؛ لوجب أن يجري على سنن واحد ، ولم يختلف ، كما لم تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين ؛ فلمّا اختلف المصدر اختلاف سائر الأجناس ؛ دلّ على أنّ الفعل مشتقّ منه.
والوجه السّابع : أنّ الفعل يتضمّن المصدر ، والمصدر لا يتضمّن الفعل ، ألا ترى أنّ «ضرب» يدلّ على ما يدلّ عليه «الضّرب» و «الضّرب» لا يدلّ على ما يدلّ عليه «ضرب» (١) وإذا كان كذلك ؛ دلّ على أنّ المصدر أصل ، والفعل فرع / عليه / (٢) ، وصار هذا كما نقول في الأواني المصوغة من الفضّة ؛ فإنّها فرع عليها ، ومأخوذة منها ؛ وفيها زيادة ليست في الفضّة ، فدلّ على أنّ الفعل مأخوذ من المصدر ، كما كانت الأواني مأخوذة من الفضّة.
[أدلّة الكوفيّين في كون المصدر مأخوذ من الفعل]
وأمّا الكوفيّون فذهبوا إلى أنّ المصدر مأخوذ من الفعل ، واستدلّوا على ذلك من ثلاثة أوجه : / الوجه / (٣) الأوّل : أنّ المصدر يعتلّ لاعتلال (٤) الفعل ، ويصحّ لصحّته ؛ تقول : «قمت قياما» فيعتلّ المصدر لاعتلال الفعل ، وتقول : «قاوم قواما» فيصحّ المصدر لصحّة الفعل ؛ فدلّ على أنّه فرع عليه.
والوجه الثّاني : أنّ الفعل يعمل في المصدر ، ولا شكّ أنّ رتبة العامل قبل رتبة المعمول.
والوجه الثّالث : أنّ المصدر يذكر توكيدا للفعل ، ولا شكّ أنّ رتبة المؤكّد قبل رتبة المؤكّد ؛ فدلّ على أنّ المصدر مأخوذ من الفعل.
[تفنيد مزاعم الكوفيّين]
والصّحيح : ما ذهب إليه البصريّون ، وأمّا (٥) ما استدلّ به الكوفيّون ففاسد. أمّا قولهم : إنّه يصحّ لصحّة الفعل ، ويعتلّ لاعتلاله ؛ فنقول : إنّما صحّ لصحّته ، واعتلّ لاعتلاله ، طلبا للتّشاكل ؛ ليجري الباب على سنن واحد ؛
__________________
(١) في (س) ضربت.
(٢) سقطت من (س).
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (س) كاعتلال.
(٥) في (س) وما.