جميع ظروف المكان؟ قيل لأنّ الفعل يدلّ على جميع ظروف الزّمان بصيغته ، كما يدلّ على / جميع / (١) ضروب المصادر ، وكما أنّ الفعل يتعدّى إلى جميع ضروب المصادر ، فكذلك يتعدّى إلى جميع ظروف الزّمان ، وأمّا ظروف المكان ، فلم يدلّ عليها الفعل بصيغته ، ألا ترى أنّك إذا قلت : ضرب ، أو سيضرب ، لم يدلّ على مكان دون مكان ، كما يكون فيه (٢) دلالة على زمان دون زمان ، فلمّا لم يدلّ الفعل على ظروف المكان بصيغته ؛ صار الفعل اللّازم منه بمنزلته من زيد وعمرو ، وكما أنّ الفعل اللّازم ، لا يتعدّى بنفسه إلى زيد وعمرو ، فكذلك لا يتعدّى إلى ظروف (٣) المكان.
[علّة تعدّي اللّازم إلى الجهات السّتّ ونحوها]
فإن قيل : فلم تعدّى إلى الجهات الستّ ، ونحوها من ظروف المكان؟ قيل : لأنّها أشبهت ظروف الزّمان من وجهين :
أحدهما : أنّها مبهمة غير محدودة ، وكان هذا اللّفظ مشتملا على جميع ما يقابل ظهره (٤) إلى أن تنقطع الأرض؟ (كما أنّك إذا قلت : «أمام زيد» كان أيضا غير محدود ، وكان هذا اللّفظ مشتملا على جميع ما يقابل وجهه إلى أن تنقطع الأرض) (٥) ، كما أنّك إذا قلت : «قام» دلّ على كلّ زمان ماض من أوّل ما خلق الله الدّنيا إلى وقت حديثك ، وإذا (٦) قلت : «يقوم» دلّ على كلّ زمان مستقبل.
والوجه الثّاني : أنّ هذه الظّروف لا تتقدّر على وجه واحد ؛ لأنّ فوقا يصير تحتا ، وتحتا يصير فوقا ، كما أنّ الزّمان المستقبل يصير حاضرا ، الحاضر يصير ماضيا ، فلمّا أشبهت ظروف الزّمان ، تعدّى الفعل إليها ، كما يتعدّى إلى ظروف الزّمان.
[حذف حرف الجرّ اتّساعا]
فإن قيل : فكيف قالوا : «زيد منّي معقد الإزار ، ومقعد القابلة ، ومناط الثّريّا ، وهما خطّان جانبي أنفها» يعني الخطّين اللّذين يكتنفان أنف الظّبية ، وهي
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (ط) فيها.
(٣) في (س) ظرف.
(٤) في (س) وجهه ، وهو سهو من النّاسخ.
(٥) سقطت من (س).
(٦) في (س) فإذا.