مع ذكر المضاف من ذكر المضاف إليه ، ألا ترى أنّك لو قلت في «غلام زيد وثوب خز : غلام وثوب» لم يتمّ إلّا بذكر المضاف إليه؟ فلمّا كان المضاف والمضاف إليه بمنزلة الشّيء الواحد ؛ جاز أن تلحق ألف النّدبة آخر المضاف إليه ؛ وأمّا الصّفة فليست مع الموصوف بمنزلة شيء واحد ؛ فلهذا ، لا يلزم ذكر الصّفة مع الموصوف ، بل أنت مخيّر في ذكر الصّفة ؛ إن شئت ذكرتها ، وإن شئت لم تذكرها ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «هذا زيد الظّريف» كنت مخيّرا في ذكر الصّفة ، إن شئت ذكرتها ، وإن شئت لم تذكرها؟ وإذا كنت مخيّرا في ذكر الصّفة ، دلّ على أنّهما ليسا بمنزلة شيء واحد ، وإذا لم يكونا بمنزلة شيء واحد ؛ وجب ألّا تلحق ألف النّدبة الصّفة بخلاف المضاف إليه. وقد ذهب بعض الكوفيّين (١) ، ويونس بن حبيب البصريّ (٢) إلى جواز إلحاقها الصّفة (٣) حملا على المضاف إليه ، وقد بيّنّا الفرق بينهما. ويحكون عن بعض العرب أنّه قال : / واعديماه / (٤) ، واجمجمتي الشّاميّتيماه» وهو شاذّ ، لا يقاس عليه.
[علّة جواز ندبة المضاف إلى المخاطب]
فإن قيل : فلم جاز ندبة المضاف إلى المخاطب ؛ نحو : «وا غلامكاه» ولم يجز نداؤه؟ قيل : لأنّ المندوب ، لا ينادى ليجيب ، (٥) بل ينادى ، ليشهر النّادب مصيبته ، وأنّه قد وقع في أمر عظيم ، وخطب جسيم ، ويظهر تفجّعه كيف لا يكون في حالة من إذا دعي أجاب ، وأمّا المنادى ، فهو مخاطب ، فلو جاز نداؤه ؛ لكان يؤدّي إلى أن يجمع فيه بين علامتي خطاب ؛ وذلك لا يجوز ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في (س) ذهب الكوفيّون.
(٢) يونس : هو أبو عبد الرّحمن ، يونس بن حبيب الضّبّيّ البصريّ ، إمام أهل البصرة في عصره في اللّغة والنّحو والأدب من أصحاب أبي عمرو بن العلاء ، وشيخ سيبويه ، والكسائيّ ، والفرّاء. مات سنة ١٨٢ ه. بغية الوعاة ٢ / ٣٦٥.
(٣) في (س) بالصّفة.
(٤) سقطت من (س).
(٥) في (س) فيجيب.