والثّالث : أنّ «إنّ» تعمل في اسمها مع الفصل بينها وبينه بالظّرف وحرف الجرّ (١) ، و «لا» لا تعمل مع الفصل.
والرّابع : أنّ «إنّ» تعمل في الاسم والخبر عند البصريّين ، و «لا» تعمل في الاسم دون الخبر عند كثير من المحقّقين ، فانحطّت «لا» التي هي الفرع ، عن درجة «إنّ» التي هي الأصل.
[جواز العطف على النّكرة بالنّصب على اللّفظ].
فإن قيل : فلم إذا عطف على النّكرة ، جاز فيه النّصب على اللّفظ ، كما جاز فيه الرّفع على الموضع ، والعطف على لفظ المبنيّ لا يجوز؟ قيل : لأنّه لما اطّرد البناء على الفتحة في كلّ نكرة ركّبت مع «لا» / لأنّها / (٢) أشبهت النّصب للمفعول لاطّراده فيه ، فأشبهت حركة المعرب ، فجاز أن يعطف عليها بالنّصب.
[علّة جواز بناء صفة النّكرة معها على الفتح]
فإن قيل : فلم جاز أن تبنى صفة النّكرة معها على الفتح ، كما جاز أن تنصب حملا على اللّفظ ، وترفع حملا على الموضع؟ قيل : لأنّ بناء الاسم مع الاسم أكثر من بناء الاسم مع الحرف ، فلمّا جاز أن يبنى الاسم مع الحرف ، جاز ـ أيضا ـ أن يبنى مع الصّفة ؛ لأنّ الصّفة قد تكون مع الموصوف كالشّيء الواحد بدليل أنّه لا يجوز السّكوت على الموصوف دون الصّفة في نحو قولك : «أيها الرّجل» ثمّ هما في المعنى كشيء واحد ؛ فجاز أن تبني كلّ واحد منهما مع صاحبه ، ولا يجوز ـ ههنا ـ أن تركّب «لا» مع النّكرة إذا ركّبت مع صفتها ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن تجعل ثلاث كلمات بمنزلة كلمة واحدة ؛ وهذا لا نظير له في كلامهم.
[جواز الرّفع عند التّكرار]
فإن قيل : فلم جاز الرّفع إذا كرّرت ؛ نحو : لا رجل في الدّار ولا امرأة»؟ قيل : لأنّك إذا كرّرت ، كان جوابا لمن قال : «أرجل في الدّار أم امرأة» فنقول : «لا رجل في الدّار ولا امرأة» ؛ ليكون الجواب على حسب السّؤال.
[بناء لا مع النّكرة دون المعرفة وعلّة ذلك]
فإن قيل : لم بنيت «لا» مع النّكرة دون المعرفة؟ قيل : لأنّ النّكرة تقع بعد «من» في الاستفهام ، ألا ترى أنّك تقول : «هل من رجل في الدّار»؟ فإذا وقعت
__________________
(١) في (س) وحروف.
(٢) سقطت من (س).