وإذا كانت حرفا ، كان ما بعدها مجرورا / بها / (١) ؛ كقولك : «رميت عن القوس» وما أشبه ذلك.
[على]
وأمّا «على» فتكون اسما وفعلا وحرفا ، فإذا كانت اسما ، دخل عليها حرف الجرّ ، فكانت بمعنى «فوق» وما بعدها مجرورا بالإضافة ؛ كقول الشّاعر (٢) : [الطّويل]
غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها |
|
تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل (٣) |
وقال الآخر (٤) : [الطّويل]
أتت من عليه تنقض الطّلّ بعد ما |
|
رأت حاجب الشّمس استوى فترفّعا |
وقال الآخر (٥) : [الرّجز]
فهي تنوش الحوض نوشا من على |
|
نوشا به تقطع أجواز الفلا (٦) |
وإذا كانت فعلا ؛ كانت مشتقّة من مصدر ، وتدلّ على زمان مخصوص ؛ نحو : «علا الجبل يعلو علوّا ، فهو عال» ؛ كقولك : «سلا يسلو سلوّا ، فهو
__________________
(١) سقطت من (ط).
(٢) الشّاعر هو : مزاحم العقيليّ.
(٣) المفردات الغريبة : الضّمير في «غدت» يعود إلى قطاة يصفها ، والضّمير في «عليه» يعود إلى فرخها. ظمؤها : مدّة صبرها على الماء. تصلّ : تصوّت أحشاؤها لجفافها. قيض :قشر البيض. الزّيزاء المجهل : المفازة أو البيداء التي لا يهتدي فيها السّالكون.
موطن الشّاهد : (من عليه).
وجه الاستشهاد : وقوع «على» اسما بمعنى «فوق» ؛ لدخول حرف الجرّ «من» عليه ؛ ومجيئها على هذا النّحو كثير شائع.
(٤) الشّاعر هو : يزيد بن الطّثريّة ، من بني عامر بن صعصعة ؛ كان شاعرا غزلا ، حلو الحديث ، متلافا للمال. مات مقتولا في إحدى المعارك سنة ١٢٧ ه.
والشّاهد في البيت مجيء «على» اسما ، كما في البيت السّابق.
(٥) الشّاعر هو : أبو النّجم ، الفضل بن قدامة العجليّ ، من أشهر الرّجّازين العرب ؛ له ديوان شعر مطبوع. مات سنة ١٣٠ ه.
(٦) المفردات الغريبة : تنوش : تتناول. أجواز الفلا : ما ابتعد من المسافات والصّحارى.
ومعنى البيت : يصف الشّاعر إبلا عالية الأجسام طوال الأعناق ، وكيف تتناول الماء من فوق الحوض ، وتشرب شربا مروّيا يمكّنها من قطع الفلوات والمسافات البعيدة.
والشّاهد في البيت كالشّاهد في البيتين السّابقين.