طرفي الشّيء ، فلا يتصوّر أن يكون طرف الشّيء من غيره ، فلو قلت : «جاء الرجال حتى النّساء» لجعلت النّساء غاية للرجال ومنقطعا (١) لهم ، وذلك محال.
والوجه الثّالث : أن تكون حرف ابتداء ك «أمّا» ؛ نحو : «ضرب القوم ، حتّى زيد ضارب ، وذهبوا ، حتى عمرو ذاهب» قال الشّاعر (٢) : [الطّويل]
فما زالت القتلى تمجّ دماءها |
|
بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (٣) |
وقال الآخر (٤) : [الطّويل]
مطوت بهم حتى تكلّ ركابهم |
|
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان (٥) |
[لا محلّ من الإعراب للجمل بعد حتّى]
فإن قيل : فهل يكون للجملة بعدها موضع من الإعراب / أولا / (٦)؟ قيل : لا يكون للجملة بعدها موضع من الإعراب ؛ لأنّ الجملة إنّما يحكم لها بموضع من الإعراب إذا وقعت موقع المفرد ، نحو (٧) أن تقع وصفا ؛ نحو / قولك / (٨) : «مررت برجل يكتب» أو حالا ؛ نحو : «جاءني زيد يضحك» أو خبر مبتدأ ؛ نحو : «زيد يذهب» وإذا (٩) لم تقع ـ ههنا ـ موقع المفرد فينبغي ألّا يحكم لها بموضع من الإعراب ؛ فهذه الأوجه الثّلاثة التي في «حتّى» ، وقد تجتمع كلّها في مسألة واحدة ؛ نحو قولهم : «أكلت السّمكة حتّى رأسها ، وحتى رأسها ، وحتّى رأسها» بالجرّ ، والرّفع ، والنّصب ، فالجرّ على أن تجعل / «حتّى» / (١٠) حرف
__________________
(١) في (ط) ومقطعا.
(٢) الشّاعر : جرير بن عطيّة ، وقد سبقت ترجمته.
(٣) المفردات الغريبة : تمجّ دماءها : تقذف دماءها. أشكل : ما خالط بياضه حمرة.
موطن الشّاهد : (حتّى ماء أشكل).
وجه الاستشهاد : وقوع «حتّى» حرف ابتداء ، وما بعدها جملة اسميّة ؛ ومجيئها على هذا النّحو كثير شائع.
(٤) الشّاعر : امرؤ القيس.
(٥) المفردات الغريبة : تكلّ : تتعب.
موطن الشّاهد : (وحتّى الجياد).
وجه الاستشهاد : وقوع «حتّى» حرفا زائدا في البيت ؛ لأنّ المعنى : أجدّ بأصحابي السّير حتى تتعب المطيّ ، وتتعب الخيل ، فلا تحتاج إلى شدّ أرسانها.
(٦) سقطت من (ط).
(٧) في (ط) يجوز.
(٨) زيادة من (س).
(٩) في (س) فإذا. (١٠) سقطت من (ط).