معها فيه ؛ لأنّ الكلامين صواب ، ولا ينكر تكرار (١) ما يقتضي الصّواب ، فلذلك ، افترق الحكم فيهما.
[أم متّصلة ومنقطعة]
وأمّا «أم» فتكون على ضربين ؛ متّصلة ، ومنقطعة ؛ فأمّا المتّصلة ، فتكون بمعنى «أيّ» نحو : «أزيد عندك أم عمرو» أي : «أيّهما عندك». وأمّا المنقطعة ، فتكون بمنزلة «بل والهمزة» ؛ كقولهم : «إنّها لإبل أم شاء» ؛ والتّقدير فيه : «بل أهي شاء» كأنّه رأى أشخاصا ، فغلب على ظنّه أنّها إبل ، فأخبر بحسب ما غلب على ظنّه ، ثمّ أدركه الشّكّ ، فرجع إلى السّؤال والاستثبات ، فكأنّه قال : «بل أهي شاء» ولا يجوز أن تقدّر «بل» وحدها والذي يدلّ على ذلك قوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)(٢) ولو كان بمعنى «بل» وحدها ؛ لكان التّقدير «بل له البنات ولكم البنون» وهذا كفر / محض / (٣) ؛ فدلّ على أنّها بمنزلة «بل والهمزة».
[إمّا ليست حرف عطف]
فأمّا «إمّا» فليست حرف عطف ؛ ومعناها كمعنى «أو» إلّا أنّها أقعد في باب الشّكّ من «أو» لأنّ «أو» يمضي صدر الكلام (٤) معها على اليقين ، ثمّ يطرأ الشّكّ من آخر الكلام إلى أوّله ، وأمّا «إمّا» فيبنى الكلام معها من أوّله على الشّكّ ؛ وإنّما قلنا : إنّها ليست حرف عطف ؛ لأنّ حرف العطف ، لا يخلو إمّا أن يعطف مفردا على مفرد ، أو جملة على جملة ؛ فإذا قلت : «قام إمّا زيد وإمّا عمرو» لم تعطف مفردا على مفرد ، ولا جملة على جملة ، ثمّ لو كانت حرف عطف ؛ لما جاز أن يتقدّم على الاسم ؛ لأنّ حرف العطف لا يتقدّم على المعطوف عليه ، ثمّ لو كانت ـ أيضا ـ حرف عطف لما جاز أن يجمع بينها (٥) وبين الواو ، فلمّا جمع بينهما ، دلّ على أنّها ليست حرف عطف ؛ لأنّ حرف العطف ، لا يدخل على مثله ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في (س) تكرير.
(٢) س : ٥٢ (الطّور : ٣٩ ، مك).
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (س) كلامك.
(٥) في (ط) بينهما.