يشابه لفظ الجمع ، ألا ترى أنّ الجمع في حالة النّصب والجرّ يكون في آخره ياء قبلها كسرة ، وبعدها نون ؛ كقولهم (١) : «تفعلين» فلمّا أشبه لفظ الجمع ، حمل عليه ؛ ولهذا ، فتحت النّون منه حملا على الجمع ـ أيضا ـ وكذلك كسروا النّون في «يفعلان» وفتحوها من «يفعلون» حملا على تثنية الأسماء وجمعها. وهذه الأمثلة معربة ، لا حرف إعراب لها ، وذلك لما بيّنّا من استحالة جعل اللّام أو الضّمير أو النّون حرف الإعراب ، وليس لها نظير في كلامهم.
[علّة عدم كون يفعلان ويفعلون مثنّى وجمعا]
فإن قيل : فهلّا كان «يفعلان ، ويفعلون» تثنية وجمعا ل «يفعل» كما كان «زيدان ، وزيدون» تثنية وجمعا ل «زيد»؟ قيل : لأنّ الفعل لا يجوز تثنيته ، ولا جمعه ، وإنّما لم يجز ذلك لأربعة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّ الفعل يدلّ على المصدر ، والمصدر لا يثنّى ولا يجمع ؛ لأنّه يدلّ على الجنس ، إلّا أن تختلف أنواعه ، فيجوز تثنيته وجمعه ، فلمّا كان الفعل يدلّ على المصدر / المبهم / (٢) الدّال على الجنس ، لم يجز تثنيته ولا جمعه.
والوجه الثّاني : أنّ الفعل لو جازت تثنيته مع الاثنين ، وجمعه مع الجماعة ؛ لجازت تثنيته وجمعه مع الواحد ، فكن يجوز أن يقال «زيد قاما ، وقاموا» إذا فعل ذلك مرّتين أو مرارا ، فلمّا لم يجز ذلك ، دلّ على أنّه لا يثنّى ، ولا يجمع.
والوجه الثّالث : أن الفعل ليس بذات يقصد إليها بأن يضمّ إليها غيرها ، كما يكون ذلك في الأسماء ؛ فلذلك لم يثنّ ، ولم يجمع.
والوجه الرّابع : أنّ الفعل يدلّ على مصدر ، وزمان ، فصار في المعنى كأنّه اثنان ، فكما لا يجوز تثنية الاسم المثنّى كذلك (٣) لا يجوز تثنية الفعل.
[الألف والواو في الأفعال الخمسة تدلّان على تثنية وجمع الضّمير لا الفعل]
فإن قيل : أليس الألف في «يفعلان» تدلّ على التّثنية ، والواو في «يفعلون» تدلّ على الجمع؟ قيل : الألف والواو تدلّان على التّثنية والجمع ، لكن (٤) على تثنية الضّمير وجمعه ، لا على تثنية الفعل وجمعه لما (٥) بيّنّا ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في (س) كقولك.
(٢) سقطت من (س).
(٣) في (س) فكذلك.
(٤) في (س) ولكن. (٥) في (س) على ما.