كانت أصليّة ؛ لسكونها ؛ لأنّها بالسّكون تضعف ، فتصير في حكم الحركة ، فكما (١) أنّ الحركة تحذف ، فكذلك هذه الحروف. وإنّما فتحوا الواو والياء في «يغزو ، ويرمي في النّصب لخفّة الفتحة ؛ فانقلبت (٢) الياء في / نحو / (٣) «يخشى» ألفا ؛ لتحرّكها في النّصب ، وانفتاح ما قبلها ، كما قلبناها في حالة الرّفع ؛ لتحرّكها بالضّمّ في الأصل ، وانفتاح ما قبلها.
[علّة ثبوت النّون رفعا وحذفها نصبا وجزما في الأفعال الخمسة]
فإن قيل : فلم كانت الخمسة الأمثلة ؛ نحو : «يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلون ، وتفعلين» في حالة الرّفع بثبوت النّون ، وفي حالة النّصب والجزم بحذفها؟ قيل : لأنّ هذه الأمثلة ، لمّا وجب أن تكون معربة ، لم يمكن أن تجعل اللّام حرف الإعراب ، وذلك ؛ لأنّه من الإعراب الجزم ، فلو أنّها حرف إعراب ؛ لوجب أن يسقط (٤) في حالة الجزم ، فكان (٥) يؤدّي إلى أن يحذف ضمير الفاعل ، وذلك لا يجوز ، ولم يمكن ـ أيضا ـ أن يجعل الضّمير حرف الإعراب ؛ لأنّه في الحقيقة ليس مجزوم (٦) الفعل ، وإنّما هو قائم بنفسه في موضع رفع ؛ لأنّه فاعل ، فلا يجوز أن يجعل حرف إعراب لكلمة أخرى ؛ فوجب أن يكون الإعراب بعدها ؛ فزادوا النّون ؛ لأنّها تشبه حروف المدّ واللّين ، وجعلوا ثبوتها علامة للرّفع ، والحذف (٧) علامة للنّصب والجزم ، وإنّما جعلوا الثّبوت علامة للرّفع ، والحذف علامة للجزم والنّصب ، ولم يكن بعكس ذلك ؛ لأنّ الثّبوت أوّل ، والحذف طار عليه ، كما أنّ الرّفع أوّل ، والجزم والنّصب طاريان (٨) عليه ، فأعطوا الأوّل الأوّل ، والطّارىء الطّارىء ، والنّصب فيهما محمول على الجزم ؛ لأنّ الجزم في الأفعال ، نظير الجرّ في الأسماء ، وكما أنّ النّصب في التّثنية والجمع محمول على الجرّ ، فكذلك النّصب ـ ههنا ـ محمول على الجزم.
[علّة استواء الأفعال الخمسة في النّصب والجزم]
فإن قيل : فلم استوى النّصب والجزم في قولهم : «أنت تفعلين» للواحدة ، وليس في الأسماء الآحاد ما حمل نصبه على جرّه؟ قيل : لأنّ قولهم «أنت تفعلين»
__________________
(١) في (س) وكما.
(٢) في (س) وانقلبت.
(٣) سقطت من (س).
(٤) في (س) تسكن.
(٥) في (س) وكان.
(٦) في (ط) بجزم. وما أثبتناه من (س) هو الصّواب.
(٧) أي حذف النّون من الأفعال الخمسة.
(٨) في (س) طاري ، وهو سهو من النّاسخ.