لمّا كانت متحرّكة ، وقبل الألف فتحة لازمة ، قدّروا أنّها قد تحرّكت ، وانفتح ما قبلها ؛ لأنّ الألف لمّا كانت خفيّة زائدة ساكنة ، والحرف السّاكن حاجز غير حصين لم يعتدّوا بها ، فقلبوا الواو ألفا ، فاجتمع ألفان ؛ ألف زائدة ، وألف منقلبة ، والألفان ساكنان وهما لا يجتمعان ، فقلبت المنقلبة همزة ؛ لالتقاء السّاكنين ، وكان قلبها إلى الهمزة أولى ؛ لأنّها أقرب الحروف إليها.
والوجه الثّالث : أنّك تقول : أسميته ، ولو كان مأخوذا من السّمة ؛ لوجب أن تقول : وسمته (١) ؛ فلمّا قيل : أسميته ، دلّ على أنّه من السّموّ ، لا من السّمة ، وكان الأصل فيه : أسموت ، إلّا أنّه لمّا وقعت الواو رابعة ؛ قلبت ياء ، وإنّما قلبت ياء حملا على المضارع ؛ نحو : يدعى ، ويغزى ، ويشقى ؛ والأصل : يدعو ، ويغزو ، ويشقو ، كما قالوا : أدعيت ، وأغزيت ، وأشقيت ؛ والأصل : أدعوت ، وأغزوت ، وأشقوت ، إلّا أنّه لمّا وقعت الواو رابعة ؛ قلبت ياء ، وإنّما قلبت في المضارع ياء للكسرة قبلها ، فأمّا : تغازيت وترجّيت ، فإنّما قلبت الواو فيهما ياء ، وإن لم تقلب في لفظ المضارع ؛ لأنّ الأصل في تفاعلت : فاعلت ، وفي تفعّلت : فعّلت ، وفاعلت ، وفعّلت يجب قلب الواو فيهما ياء وكذلك (٢) تفاعلت وتفعّلت.
والوجه الرّابع : أنّك تجد في أوّله همزة التّعويض ، وهمزة التّعويض إنّما تكون في ما حذف منه لامه لا فاؤه ، ألا ترى أنّهم لمّا حذفوا الواو التي هي اللّام من «بنو» عوّضوا الهمزة في أوّله ، فقالوا : «ابن» ، ولمّا حذفوا الواو التي هي الفاء من «عدة» ونحو ذلك ، لم يعوّضوا الهمزة في أوّله؟ فلمّا عوّضوا الهمزة في أوّله ، دلّ على أنّ الأصل فيه : «سمو» كما أنّ الأصل في ابن : بنو ، إلّا أنّهم لمّا حذفوا الواو التي هي اللّام عوّضوا الهمزة في أوّله ، فقالوا : اسم ، فدلّ على أنّه مشتق من السّموّ لا من السّمة.
وممّا يؤيّد أنّه مشتقّ من السّموّ لا من السّمة أنّه قد جاء في «اسم» : سمّى على وزن «هدى» والأصل فيه : «سمو» إلّا أنّه لمّا تحرّكت الواو ، وانفتح ما قبلها ، قلبوها ألفا ، وحذفوا الألف ؛ لسكونها وسكون التّنوين ، فصار : «سمّى».
وفي الاسم خمس لغات : «اسم» و «اسم» ، و «سِم» و «سُم» و «سُمّى».
__________________
(١) في (س) أو سمته.
(٢) في (س) وكذلك في.