الْأَخْيارِ)(١) فلفظ مصطفين ؛ كلفظ : زيدين ، فلو لم يكسروا نون التّثنية ، ويفتحوا نون الجمع ؛ لالتبس هذا الجمع بهذه التّثنية.
فإن قيل : فهلّا عكسوا ، ففتحوا نون التّثنية ، وكسروا نون الجمع ، وكان الفرق حاصلا؟ قيل : لثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّ نون التّثنية تقع بعد ألف ، أو ياء مفتوح ما قبلها ، فلم يستثقلوا الكسرة فيها ، وأمّا نون الجمع ، فإنّها تقع بعد واو مضموم ما قبلها ، أو ياء مكسور ما قبلها ، فاختاروا لها الفتحة ؛ ليعادلوا خفّة الفتحة ثقل الواو والضّمّة ، والياء والكسرة ، ولو عكسوا ذلك ؛ لأدّى ذلك إلى الاستثقال ، إمّا لتوالي الأجناس ، وإمّا للخروج من الضّمّ إلى الكسر.
والوجه الثاني : أنّ التّثنية قبل الجمع ، والأصل في التقاء السّاكنين الكسر ، فحرّكت نون التّثنية بما وجب لها في الأصل ، وفتحت نون الجمع ؛ لأنّ الفتح أخفّ من الضّمّ.
والوجه الثّالث : أنّ الجمع أثقل من التّثنية ، والكسر أثقل من الفتح ، فأعطوا الأخفّ الأثقل ، والأثقل الأخفّ ؛ ليعادلوا بينهما.
[الأصل في الجمع السّالم لمن يعقل]
فإن قيل : فلم قلتم : إنّ الأصل في الجمع السّالم أن يكون لمن يعقل؟
قيل : تفضيلا لهم ؛ لأنّهم المقدّمون على سائر المخلوقات بتكريم الله ـ تعالى ـ لهم ، وتفضيله إيّاهم ؛ قال الله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)(٢).
[ألفاظ العقود الملحقة بجمع المذكّر السّالم]
فإن قيل : فلم جاء هذا الجمع في الأعداد من العشرين إلى التّسعين؟ قيل : إنّما جاء هذا الجمع في الأعداد من العشرين إلى التّسعين ؛ لأنّ الأعداد لمّا كان يقع على من يعقل نحو : «عشرين رجلا» وعلى ما لا يعقل نحو «عشرين ثوبا» وكذلك إلى التّسعين ، غلّب جانب من يعقل على ما لا يعقل ، كما يغلّب جانب المذكّر على المؤنّث في نحو : أخواك هند وزيد ، وما أشبه ذلك.
__________________
(١) س : ٣٨ (ص : ٤٧ ، مك).
(٢) س : ١٧ (الإسراء : ٧٠ ، مك).