وفي الثّاني ـ الإنصاف في مسائل الخلاف ـ مهّد الطّريق إلى إيجاد فنّ متكامل في المجال نفسه ، يمكن أن نطلق عليه اسم «النّحو المقارن» ؛ وكلا الفنّين لمّا يتطرّق إليه أحد حتى الآن. فعلى الباحثين والدّارسين المعاصرين تقع مسؤوليّة معالجة هذين الفنّين وتكاملهما ؛ لما فيهما من الأهميّة بمكان على طريق تهذيب النّحو العربيّ ، وتسهيل قواعده ، واعتماد الأسهل ، والأنسب ، والموافق للأسس التي قام عليها ، وتجاوز الآراء الغريبة التي تعتمد أدلّة وحججا واهية ، لا داعي لأن نشحن أذهان ناشئتنا بها.
فلهذا الكتاب ـ أسرار العربيّة ـ أهميّة خاصّة ، ينبغي الانتباه إليها ، ولعلّها أحد الأسباب التي دعتني إلى تحقيقه والتّعليق عليه. وأمّا عملي فيه ، فقد أوضحته في قسم التّمهيد من هذا الكتاب الذي جاء في ثلاثة أقسام هي :
القسم الأوّل : قسم التّمهيد : وفيه تناولت المباحث التّالية :
أوّلا ـ تعريف موجز بأبي البركات الأنباريّ.
ثانيا ـ منهج أبي البركات النّحوي في كتاب «أسرار العربيّة».
ثالثا ـ عملنا في الكتاب.
القسم الثّاني : الكتاب محقّقا.
القسم الثّالث : قسم المسارد الفنيّة.
وفي الختام لا بدّ من التّقدّم بأسمى آيات التّقدير والاحترام إلى كلّ من ساهم في صفّ هذا الكتاب ، وإخراجه ، وطبعه ، وتجليده ، ونشره ؛ وأخصّ بالذّكر الصّديق الحاج أحمد أكرم الطّبّاع صاحب «دار الأرقم بن أبي الأرقم» للطّباعة والنّشر والتّوزيع ومديرها ؛ لما يقوم به من عمل مشكور في ميدان إحياء التّراث العربي والإسلامي من خلال قيامه بطباعة الكثير من الكتب التّراثيّة النّفيسة ؛ فجزاه الله ـ تعالى ـ خير الجزاء ، وجعل ذلك في صحيفة عمله يوم القيامة.
وأسأل الله ـ جلّ وجلاله ـ أن يهيّىء لهذا التّراث من يقوم على خدمته بأمانة ونزاهة إلى يوم الدّين. وأتضرّع إليه ـ جلّ في علاه ـ أن يحفظ علينا جوارحنا وملكة تفكيرنا على الدّوام ، وأن يجعلها الوارثة منّا ، إنّه هو الرّحيم الرّحمن.
(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ