فأثبتوا التّاء ، ولو لم يتنزّل (١) منزلة حرف من سنخ الكلمة ، وإلّا لما جاز إثباتها.
والوجه الخامس : أنّهم قالوا : حبّذا ، وهي مركّبة (٢) من فعل وفاعل ، فجعلوهما بمنزلة اسم واحد ، وحكم على موضعه بالرّفع على الابتداء.
والوجه السّادس : أنّهم قالوا : «زيد ظننت قائم» فألغوها ، والإلغاء : إنّما يكون للمفردات ، لا للجمل ، فلو لم ينزل الفعل مع الفاعل بمنزلة كلمة واحدة ، وإلّا لما جاز الإلغاء.
والوجه السّابع : أنّهم قالوا للواحد : «قفا» على التّثنية ؛ لأنّ المعنى : قف قف ، قال الله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)(٣) فثنّى وإن كان الخطاب لملك واحد ؛ لأنّ المراد / به / (٤) : ألق ألق ، والتّثنية ليست للأفعال ، وإنّما هي للأسماء ، فلو لم يتنزّل الاسم منزلة بعض الفعل ، وإلّا لما جازت تثنيته باعتباره.
وإذا ثبت بهذه الأوجه أنّ الفاعل يتنزّل منزلة الجزء من الفعل ؛ لم يجز تقديمه عليه.
فإن قيل : لم زعمتم أنّ قول القائل : زيد قام مرفوع بالابتداء دون الفعل ، ولا فصل بين قولنا : زيد ضرب ، وضرب زيد؟ قيل لوجهين ؛ أحدهما : أنّه من شرط الفاعل ألّا يقوم غيره مقامه مع وجوده ؛ نحو قولك : قام زيد ، فلو كان تقديم زيد على الفعل بمنزلة تأخيره ، لاستحال قولك : زيد قام أخوه ، وعمرو انطلق غلامه ؛ ولمّا جاز ذلك ، دلّ على أنّه لم يرتفع بالفعل ، بل بالابتداء.
والوجه الثّاني : أنّه لو كان الأمر على ما زعمت ؛ لوجب ألّا يختلف حال الفعل ؛ فكان (٥) ينبغي أن يقال : الزّيدان قام ، والزّيدون قام ؛ كما تقول : قام الزّيدان ، وقام الزّيدون ؛ فلمّا لم يقل إلّا : «الزّيدان قاما ، والزّيدون قاموا ، دلّ على أنّه يرتفع بالابتداء دون الفعل.
فإن قيل : فلم استتر ضمير الواحد ؛ نحو : «زيد قام» وظهر ضمير الاثنين ؛
__________________
(١) في (ط) يتنزّل.
(٢) في (س) وهو مركّب ؛ وكلاهما صحيح.
(٣) س : ٥٠ (ق : ٢٤ ، مك).
(٤) سقطت من (س).
(٥) في (س) وكان.