يعني عليّ بقية من الليل ، وقول أمية : [من البسيط]
فاشرب هنيئا عليك التّاج مرتفقا |
|
في رأس غمدان دارا منك محلالا (١) |
وقول الآخر : [من الطويل]
لقد صبرت للذّلّ أعواد منبر |
|
تقوم عليها في يديك قضيب (٢) |
كلّ ذلك في موضع الحال ، وليس فيه «واو» كما ترى ، ولا هو محتمل لها إذا نظرت. وقد يجيء ترك «الواو» فيما ليس الخبر فيه كذلك ، ولكنه لا يكثر ، فمن ذلك قولهم : «كلّمته فوه إلى فيّ» و «رجع عوده على بدئه» ، في قول من رفع ، ومنه بيت «الإصلاح» (٣) : [من الكامل]
نصف النّهار ، الماء غامره |
|
ورفيقه بالغيب لا يدري (٤) |
ومن ذلك ما أنشده الشيخ أبو عليّ في «الإغفال» (٥) : [من الطويل]
ولو لا جنان اللّيل ما آب عامر |
|
إلى جعفر ، سرباله لم يمزّق (٦) |
ومما ظاهره أنه منه قوله : [من البسيط]
__________________
(١) ينسب البيت لأمية بن أبي الصلت ، ولأبيه ، وسيف بن ذي يزن مخلص اليمن من محتليها الحبش ، والقصة الشعبية المنسوجة حوله تقوم على أساس هذه البطولة. والبيت أورده القزويني في الإيضاح (١٧٠).
(٢) البيت لواثلة بن خليفة السدوسي ، يهجو عبد الملك بن المهلب بن أبي صفرة ، وهو في الإيضاح (١٧٠).
(٣) الإصلاح : أي كتاب «إصلاح المنطق» لابن السكيت المتوفى سنة (٢٤٤ ه). كشف الظنون (١ / ١٠٨).
(٤) البيت : للمسيب بن علس ، وهو خال الأعشى ، والأعشى راويته ، والبيت في ديوان الأعشى (٣٥٢) ، وقبله :
قتلت أباه فقال أتبعه |
|
أو أستفيد رغيبة الدهر |
والبيت في المفتاح (٣٨٥) ، وإصلاح المنطق لابن السكيت.
(٥) واسمه الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني للشيخ أبي علي حسن بن أحمد الفارسي النحوي المتوفى سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. كشف الظنون (١ / ١٣١).
(٦) البيت : لسلامة بن جندل ، وهو سلامة بن جندل بن عبد عمرو من بني كعب بن سعد التميمي ، شاعر جاهلي من الفرسان. والبيت في الأصمعيات (١٢٥) رقم (٤٢) ، وروايته : «لم يخرّق» بدل «لم يمزق» ، وهو في الإيضاح (١٦٩) ، وأورده بدر الدين بن مالك في المصباح (٢٧٢) ، والسكاكي في المفتاح (٣٨٥) ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات (١٣٥) ، وشرح عقود الجمان (١ / ٢٢٣). جنان الليل : شدة ظلمته وادلهمامه. سرباله لم يخرق : ثيابه غير ممزقة أي : ما عاد سالما.