تصفّح من إذا مارس بابا من العلم لم يقنعه إلا أن يكون على ذروة السّنام ، ويضرب بالمعلّى من السّهام ، فقد هديت لضالّتك ، وفتح لك الطريق إلى بغيتك ، وهيئ لك الأداة التي بها تبلغ بها ، وأوتيت الآلة التي معها تصل. فخذ لنفسك بالتي هي أملأ ليديك ، وأعوذ بالحظّ عليك ، ووازن بين حالك الآن وقد تنبهت من رقدتك ، وأفقت من غفلتك ، وصرت تعلم إذا أنت خضت في أمر «اللّفظ» و «النظم» معنى ما تذكر ، وتعلم كيف تورد وتصدر ، وبينها وأنت من أمرها في عمياء ، وخابط خبط عشواء ، قصاراك أن تكرّر ألفاظا لا تعرف لشيء منها تفسيرا ، وضروب كلام للبلغاء إن سئلت عن أغراضهم فيها لم تستطع لها تبيينا ، فإنّك تراك تطيل التعجّب من غفلتك ، وتكثر الاعتذار إلى عقلك من الذي كنت عليه طول مدّتك. ونسأل الله تعالى أن يجعل كل ما نأتيه ، ونقصده وننتحيه ، لوجهه خالصا ، وإلى رضاه عزوجل مؤدّيا ، ولثوابه مقتضيا ، وللزّلفى عنده موجبا ، بمنّه وفضله ورحمته.