بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحابا ، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه الا سأل عن تفسيره وعمن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ، ويجاهد هواه ويحترز به من الشيطان ، وكان يداوي قلبه بالفكر ، ويداوي نفسه بالعبر ، وكان لا يظعن الا فيما يعنيه ، فبذلك أوتي الحكمة ومنح العصمة» (٣)
الإحسان الى الناس ظاهرة تنبع من الشكر لله سبحانه ، ذلك انه يعني الرضا النفسي والعملي ، الذي ينعكس على السلوك في صورة عطاء وتضحية وجهاد ، مقابلة لجميل نعم الله ، وإحساسا بالمسؤولية تجاهها. ولكل نعمة شكر يختص بها ، تبعا لمعطياتها ، فشكر نعمة العلم نشره وهداية الناس به :
«زكاة العلم نشره» (٤)
وشكر الجاه بذله للمحتاجين :
«زكاة المال بذله»
بينما شكر نعمة القوة السعي لتحقيق الأهداف السامية كاقامة حكم الله في الأرض من خلال الجهاد الشامل.
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ)
وبذل الإنسان للنعمة في مجالها الذي حدده الله هو الشكر ، وسنن الله في الحياة
__________________
(٣) المصدر / ص (١٩٦ ـ ١٩٧).
(٤) بحار الأنوار / ج (٧٨) / ص (٢٤٧).