ـ التشريعية منها والتكوينية ـ تقتضي بذلك نماء النعمة ، فمن حكمة الله ان تسقي السماء الأرض ذات الزرع أكثر من الجرداء ، وان من يستخدم عضلاته أكثر هو الذي تنمو العضلات لديه بينما تضمر عند الخامل ، وأن من يقرأ أكثر ينمو عقله وفكره ، والذي لا يستفيد من النعم أو يستخدمها في غير مجالاتها المحددة لا تنمو لديه وتكون مضرة له ، كما لو بذل العلم للتباهي أو المال في اللهو واللعب.
(وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ)
لان المحتاج للشكر هو الإنسان لا الله المتعالي عن الحاجة ، والشكر هنا يشمل أيضا الناس ، لكن ضمن هدف محدد هو ان يكون ذلك من أجل الله وحده ، وطلبا لمرضاته وذلك كله يعود على الإنسان نفسه ، بما يسببه الشكر من انماء النعمة (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ). (٥)
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
وليس غنى الله كغنى الناس ، لان الآخر غالبا ما يتأسس على النهب والاستغلال ، أو يصرف في سحق الآخرين وابتزازهم حقوقهم ـ وهو غيري ـ بينما غنى الله ذاتي يتفضل به على الآخرين خيرا ونعمة ، وهذا هو الغنى المحمود.
(١٣) ثم تتعرض الآيات لبعض وصايا لقمان (ع) لابنه ، والتي تشكل أبعاد الحكمة ، ومفردات الشكر لله.
وأول ما يفتتح وصاياه يبين له العلاقة الفاضلة التي يجب ان ينتهجها مع الآخرين والتي تقوم على مبدأ التوحيد ، فيحذره من الشرك ، فالخضوع المطلق لا
__________________
(٥) إبراهيم / (٧).