حقّا ما أبعد غور العلم عند المؤمن الذي ينظر إلى الخليقة من دون حجاب ، وبفؤاد فارغ من العقد والأوهام والتمنيات ، فاذا أبصر البدوي الموغل في الصحراء مع سفينته التي يحبها ويرتل لها الاشعار على نغم الحدى فاذا بينه وبين إبله أكثر من مجرد صلة مادية.
هنالك يقول المؤمن : ما شاء الله كيف سخّر هذا الحيوان الصبور للبشر ، وجعل أفضل عابر للرمال المتحركة والصحاري القفر.
وإذا رأى رجلا شجاعا يمتطي ظهر جواده في المعركة ، فاذا بالجواد يستجيب لاشاراته الخاطفة وكأنه جهاز الكتروني حساس ، هنالك يقول : الله أكبر كيف سخر الله لنا هذا الحيوان الذكي ، وما كنا عليه بقادرين.
وحين يجتاز البشر أعمدة القرون ويمتطي صهوة الطائرات الأسرع من الصوت ، والصواريخ الفضائية ذات الوقود الذري ، يقول المؤمن بذات النبرة سبحان الله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.
ان من سخر لنا الإبل والجواد هو الذي سخر لنا الحديد والذرة ، وعلمنا كيف نصنع من خردة حديد ، وبضع كيلوات من مادة متفجرة صواريخ مدارية.
ان مثل المؤمن مثل الفنان الذي يقف أمام لوحة بارعة الجمال فتغمر قلبه الحساس موجات من الاعجاب والرضا والانشراح ، بينما الكافر كالأعمى لا تزيده اللوحة إلّا ظلاما.
أغلب الناس ينشرحون إذا زار والاول مرة مزرعة للورود ، أو حقولا خضراء منبسطة على امتداد البصر ، أو شاهدوا مصنعا عظيما أو إنجازا علميّا باهرا ، ولكنهم يعودون بعد لحظات محدودة إلى واقعهم الاول فتشغل قلوبهم الهموم ، ويغرقون في