بحر المشاكل الحياتية. أليس كذلك؟
بينما المؤمن يرى كل شيء وكأنه ينظر اليه لأول مرة ، فاحساسه المرهف يجعله أبدا كالقائد العسكري الذي يستعرض جيشه اللجب في يوم عيد ، كذلك المؤمن ينظر إلى الطبيعة من حوله وقد سخرت له كما ينظر ذلك القائد إلى جنده العظيم ، انه يعيش أبدا كما لو ولد الآن أو جاء من كوكب بعيد ، قلبه بريء ، ونظراته عميقة ، وفطرته نقية.
أرأيت الذي يزور ـ لاول مرة ـ حديقة الحيوان في لندن أو معرضا الكترونيا في باريس ، أو مصنعا عظيما في اليابان ، أو ناطحة سحاب في شيكاغو أو مترو موسكو ، أو أهرام مصر؟
هكذا حال المؤمن أبدا في الحياة بينما غيره يشبه الذي يزور غرفة نومه لا يرى فيها جديدا.
والسؤال : ما الفرق بينهما؟
الجواب : أولا : قلب المؤمن صاف بينما الناس يعيشون هموما كثيرة ، كما أن أكثرهم يعيش العقد والسلبيات.
ثانيا : المؤمن يعلم ان كل شيء قائم بالله ، ولو لا فضل الله المتوالي ، وعطاؤه المستمر ، وتدبيره وسلطانه لما قام شيء ، ولا بقيت نعمة ، ولا دام نظام ، لذلك فهو يتعامل مع الأشياء وكأنها جديدة ومثله في هذا التعامل مثل من يعطيه الملك كل يوم مأة درهم من دون استحقاق وهو يعيش عليها ، وانه متى ما شاء منعه منه في أي يوم ، فتراه يستلم كل يوم عطاءه بوجد وفرح ، ولعل هذا الإحساس هو مصدر الشكر عند المؤمن فاذا به يسبّح ربه بكرة وعشيا ، وفي المساء وعند الظهيرة ، لان