استمرار وجوده أساسا عند هذه الساعات نعمة. أو ليس هناك البعض الذي عاش صباحا وكان عند المساء تحت التراب ، أو امسى حيا ولكنه حرم رؤية الشمس في اليوم التالي وإلى الأبد.
ان المؤمن يملك من الثقة برحمة الله ما يجعله قادرا على التخطيط المستقبلي ، ولكنه في الوقت ذاته ينظر إلى الخليقة نظرة بعيدة عن الجمود والتحجر ، فيخشى زوال النعم في اية لحظة ، ويسعى أبدا لإبقائها ، وقلبه بذلك وصّى لقمان ابنه قائلا له :
«يا بني! خف الله عز وجل خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت ان يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت ان يغفر الله لك»
«فقال له ابنه : يا ابه! كيف أطيق هذا ولي قلب واحد؟»
«فقال له لقمان : يا بني لو استخرج قلب المؤمن يوجد فيه نوران ، نور للخوف ونور للرجاء ، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة»
«ثم قال له : يا بني! لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، الا ترى انه لم يجعل نعيمها ثواب المطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟!» (١)
ثالثا : ترى أغلب الناس يلبسون نظارات مختلفة الألوان ، وينظرون من خلالها إلى الأشياء ، فلا يرونها على حقيقتها. ان الثقافات البشرية والتفسيرات المادية التي تبث إلى القلوب هي بمثابة عدسات ملونة لا تدع نور الحقائق يغمر القلب.
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٩٩).