عليها ، أو حينما يكتب الله لها الزوال.
ويتجلى الفرق بين الإنسان الذي يتصور بان الكمال هو الأصل في ذاته ، وبين الآخر الذي يعرف انه لم يكن شيئا ، انما خلقه الله شيئا ثم أضاف اليه من نعمه ، يتجلى الفرق في الصفات بين الصبّار الشكور والختار الكفور ، لأن كلا هذين الموقفين منطلق من إحدى النظرتين السابقتين ، فمن يتصور بأن الأصل هو الكمال لا يرى ضرورة للشكر أو الصبر ، لأنه سيعتبر ذهاب النعمة من بين يديه شذوذا لا يطاق ، بينما يشكر الآخر ـ الذي يعتقد بان الأصل هو النقص والعدم ـ عند النعم ، ويستفيد منها في تكامله ، ويصبر عند البلاء لأنه يعتبر النعمة حينذاك أمانة استرجعها الله ، وهذا الايمان يجعله يحير في مهرجان الرضا بقضاء الله والتسليم بقدره ، أما الكفور فاذا مسه الخير تراه منوعا ، أما إذا مسه الشر فهو جزوع ، يدفعه شعوره الدائم بالنقص (الحقارة) الى التفتيش عن إضافات توصله إلى الكمال ، دون التفكير في الوسيلة السليمة ودون معرفة.
ومن أجل ان نخلق في أنفسنا صفة الصبر والشكر ، يدعونا القرآن إلى التفكر في أنفسنا في الكون ، بحثا عن الحقيقة العظمى فيه ، وهي معرفة الله ، والإنسان غالبا ما يفكر في مخلوقات الله بذاتها ، دون ان يقوده تفكره فيها إلى معرفة ربه وهذا منهج خاطئ ، والقرآن الكريم يوسع أفقنا ويأخذ بأذهاننا إلى ما وراء الحياة الدنيا ، ويعطي لنا منهجا ينتهي في كل اتجاه إلى معرفة الله ، ذلك أن هذه المعرفة تعطي الإنسان نظرة سليمة إلى هذه الحياة ، في سرائها وضرائها ، وفي ظاهرها وباطنها.
بينات من الآيات :
(٢٨) ويمضي السياق قدما في تذكرة المؤمنين بأسماء ربهم وإتمام الحجة على الناس جميعا ، ويبين لهم جانبا من قدرة الله ، بعد أن صوّر لهم جانبا من عزته