وحكمته ، وذلك ببلاغة نافذة ، أرأيت كيف هدانا إلى عظيم عزته بأن كلماته لا تحصى؟ هكذا يهدينا إلى قدرته ولطف تدبيره بأنه يخلق الناس جميعا كما لو يخلق نفسا واحدة ، ثم يبعثهم كما لو يبعث نفسا واحدة. أرأيت كيف يقرب إلينا حقيقة قدرته ولطفه واحاطته بالأشياء خبرا!
(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ)
ثم يذكرنا بضرورة خشيته ويقول :
(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
يسمع ما نقوله ، ويرى ما نصنعه ، وهذا يدعونا إلى تحمل مسئولية كلامنا وأعمالنا.
(٢٩) ان الله جعل الشمس والأرض في حركة دائمة ، من خلالها يحدث الليل والنهار وتتغير الفصول.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ)
والتعبير القرآني «يولج» دقيق جدا من الناحية العلمية ، إذ يشير إلى الحركة الفصلية على مدار السنة ، فاذا ولج الليل في النهار ـ دخل فيه وأخذ منه ـ حتى إذا تعادلا صار الربيع ، وهكذا يستمر دخوله في النهار حتى يصير أطول منه فيحيل الفصل شتاء ، ثم يمتد النهار شيئا فشيئا ـ يلج في الليل وينتقص منه ـ الى ان يصير أطول منه فيكون الفصل صيفا.
وكما أن للإنسان وسائر المخلوقات أجلا مسمى ، فان للشمس والقمر أجلا مسمّى ، مما يدل على ان الشمس والقمر لم يكونا شيئا في يوم من الأيام ـ تماما