يعزب عن علمه شيء في السموات والأرض.
ويذكرنا السياق بتجليات اسم الرب في خلق الإنسان الذي بدأ خلقه من طين ، وتعاهد أمره طورا بعد طور حتى جعله بشرا سويا ، ويتقلّب في تقدير الرب وتدبيره ما دام حيّا ، ثم يتوفّاه ملك الموت الذي وكّل به من عند الرب ، وحين يتحول ترابا ، وتنتشر اجزاؤه في الأرض ، لا يكون بعيدا عن هيمنة الرب وتقديره ، وحين يبعث إلى محكمة العدل الإلهية ، ترى المجرمين ناكسي رؤوسهم ، يتضرعون إليه ، ويدعونه ان يرجعهم ليعملوا صالحا.
كلّا .. ان الله أقسم صادقا أن يملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين ، ولذلك تركهم يختارون طريقهم بحرية تامة ، فاذا شاؤوا اختاروا الجنة ، ولكن كيف النجاة من ذلّ ذلك الموقف ، حين يندم المجرمون على أعمالهم؟
إنما بالتضرع اليه ، وهكذا يحصر القرآن المؤمنين بآيات الله. أولئك الذين إذا سمعوها خرّوا سجدا ، وسبحوا بحمد ربّهم.
وجزاء هؤلاء عظيم الى درجة لا يمكن وصفه ، حيث يقرّ الله أعينهم بالجزاء الحسن.
وإن من هؤلاء من يختارهم الله للإمامة ، لأنهم يهدون بأمر الله ، ويصبرون على الأذى في جنبه ، ولأنهم كانوا بآيات الله يوقنون.
ولعلّ الهدف الأسمى للسورة بناء هذه الطائفة المختارة ، وهذا هو محور السورة الأساس ـ فيما يبدو لي ـ الّا انّ هناك بصيرة أخرى تعطيها آيات السورة هي : نسف التمنيات التي يحلم بها الإنسان ، ويريد ان يكون المؤمن والفاسق سواء. كلّا .. لا يستوون. إن للمؤمنين جنات المأوى ، بينما مأوى الفاسقين النار