الأول : القسم الالهي بأنه تعالى سوف يملأ النار من الجنة والناس ، ويكفينا هذا خوفا وحذرا.
الثاني : إن العذاب الدنيوي يعطينا فكرة تخالف الاماني والأحلام الساذجة ، فكما أن نعم الله الظاهرة والباطنة تدلنا على أنه رحيم ورؤف بعباده ، فان جانب العذاب فيها يدلنا على أنه جبّار متكبر ، يغضب ، وينتقم ، ويعذّب ، ويدمّر تدميرا.
الثالث : يخبرنا القرآن بأن عدالة الله تأبى أن يستوي المحسن والمسيء ، والمؤمن والكافر. وهذه من الأفكار الحساسة في تربية النفس ، أن يطرد الإنسان عن ذهنه حلم التساوي مع الصادقين من دون عمل وسعي (أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) (١) فكيف مثلا يستوي عند الله الساكت عن جرائم الظلمة ، والآخر الذي يقاسي أنواع العذاب بسبب معارضته لهم؟!
ثم تذكرنا الآيات ببعض صفات المؤمنين ، والتي من أهمها وأبرزها خضوعهم للحق ، وتسليمهم له في مختلف الظروف والأحوال ، خوفا وطمعا ، فاذا بك تجدهم يقاومون سلبيات النفس البشرية بذكر الله ، فهم كما وصفهم الامام علي (ع):
«عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم» (٢)
كما أن من صفات المؤمنين أنهم تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، يهجرون الفراش ، ويتوجهون الى ربّهم بالعبادة والتبتل ، والإنفاق في سبيله ، مما يجعلهم أهلا لثوابه ، وهذا مما يخالف التمنيات والآمال ، ويؤكد أن العاقبة الحسنى لا
__________________
(١) النجم / (٢٤).
(٢) نهج البلاغة / خ (١٩٣) / ص (٣٠٣).