بسبب حجب الشهوات ، والأفكار الباطلة ، ومن ثم لا يستعد لذلك اليوم بل يتمادى في الانحراف والعصيان ، فيستحق بذلك العذاب.
(فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ)
فلا ينصرهم الله ولا يرحمهم ، وليس النسيان هنا بمعنى عدم العلم ، بل عدم العمل بما يقتضيه العلم ، خلافا لمعنى النسيان عند البشر كسائر الكلمات ، مثلا الغضب بالنسبة للإنسان يعني وجود حالة من الثوران في نفسه ، بينما يعني بالنسبة الى الله النتيجة المترتبة على الغضب كالعذاب ، ذلك أنه تعالى تصدق عليه الغايات دون المبادئ.
ولعل نسيان الله للعبد أشدّ من أيّ عذاب آخر ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤)
وفي الدعاء :
«فهبني يا الهي وسيدي ومولاي صبرت على عذابك؟! فكيف أصبر على فراقك؟! وهبني صبرت على حرّ نارك ، فكيف أصبر عن النظر الى كرامتك؟! أم كيف أسكن في النار ورجائي عفوك؟!» (٥)
ومن تضاعيف الآية يتبيّن وجود نوعين من العذاب ، الاول : هو العذاب النفسي المتمثل في نسيان الله ، ويشير اليه الشطر الاول منها وهو جزاء لنسيان الإنسان ربّه ، والثاني : هو العذاب المادي ، ونجده في ختام الآية :
__________________
(٤) آل عمران / (٧٧).
(٥) دعاء كميل.