وساوس الشهوة وهمزات الشياطين.
(٢٦) أما عن سبب الاختلاف بعد الرسل ، فهو كما صرح القرآن في موضع آخر : الأهواء والمصالح ، إذ قال : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) .... (٢)
وفي هذه الآية يحذر الله الامة الاسلامية من الاختلاف ، ويدعونا للنظر في التاريخ ، لنعرف مصير الذين اختلفوا عن رسالات الله ، وابتعدوا عن نهجها السليم. مؤكدا أنه كما يفصل بينهم في الآخرة ، فقد يفصل بينهم في الدنيا بهلاك المنحرفين أو بنصر المؤمنين عليهم كما في الآية (٢٨ ـ ٣٠).
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ)
وينبغي لهم أن يستفيدوا من هذه الآثار عبرة في حياتهم ، فيجتنبوا عن الخطأ حتى لا يصطدموا بذات النتيجة ـ وهذه هي الآية المادية الظاهرة ـ ثم أن القرآن هو الآيات المعنوية التي تكشف عن الواقع ، والتي يجب الاستماع إليها والعمل بها.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ)
فتلك يرونها بأعينهم ، وهذه يسمعونها بآذانهم ، ولكن المطلوب أن تعقلها ألبابهم ، وتنعكس على حياتهم وواقعهم في صورة هداية.
__________________
(٢) البقرة / (٢١٣).