(٢٧) وكما أن آيات الله في عالم الإنسان تهدي الى هيمنته على الحياة ، وتدبيره لشؤونها ، فان آياته في الطبيعة تهدي الى ذات الحقيقة.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ)
هناك يقول : (أَفَلا يَسْمَعُونَ) لان الوسيلة التي تنقل للإنسان التاريخ هي حاسة السمع أكثر من أي وسيلة أخرى ، وهنا يقول : (أَفَلا يُبْصِرُونَ) حينما يتحدث عن الطبيعة التي يبصرها الإنسان قبل ان يسمع عنها.
وهذا من أساليب المنهج الالهي للوصول الى اليقين ، أنه يدعو الى النظر والتفكر في الآيات من حوله ، فخلفيات الاحداث التاريخية والاجتماعية ، كما تجليات الحكمة في آيات الكون ، وكدورة المطر منذ البداية حتى سقوطه ، كلها تشير الى إله يدبر الحياة ، ويقدر أحداثها وشؤونها بقدرة مطلقة ، وحكمة بالغة.
(٢٨) فهو تعالى لا يستجيب لتحديات الكفار والمعاندين متى شاؤوا ، انما حيث شاء ومتى أراد ، حسبما تقتضيه حكمته سبحانه.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
تحدّيا للمؤمنين ، وتكذيبا برسالة الله ، أما المؤمنون فإنهم يثبتون على خطهم ، ولا يرتابون في وعد الله حتى لو تأخر بعض الوقت ، خلافا للطرف الآخر الذي يزيدهم الامهال ريبا ، ويشكل لهم عقبة فكرية.
(٢٩) وينسى هؤلاء أن الامهال لا يعني الإهمال ، انما يعني أحد أمرين :
الاول : أن الله يتيح لهم فرصة العودة للحق.