(١٢) وحين الرجوع إلى الله ماذا سيكون مصير المجرمين؟
في ذلك اليوم يلوذ المجرمون ـ الذين طالما برّروا بألسنتهم الحادّة جرائمهم ـ إلى الصمت البائس ، لأنّ الحزن الناشئ من اليأس قد أحاط بقلوبهم.
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ)
جاء في القاموس : أنّ المبلس من لا خير عنده أو عنده بلاس ، وفي مفردات الراغب : الإبلاس الحزن المعترض من شدّة اليأس ، ولمّا كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت ، وينسى ما يعنيه ، قيل : أبلس فلان إذا سكت ، وإذا انقطعت حجّته.
وربما السبب في سكوت المجرمين الناشئ من حزنهم ويأسهم هو : إنّ الله لا يترك لأحد حجّة يوم القيامة ، وقد بيّنت الأحاديث التالية جانبا من احتجاج الربّ لعباده يوم القيامة ، مما يفحم المجرمين والمذنبين.
١ ـ عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن هارون ، عن ابن زياد قال : سمعت جعفر بن محمد (ع) ـ وقد سئل عن قوله تعالى : «فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ» ـ فقال :
«إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ، عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما عملت؟ وإن قال : كنت جاهلا ، قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصم ، فتلك الحجة لله عز وجل على خلقه» (٢)
٢ ـ وروى معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول :
إنّ الرجل منكم ليكون في المحلّة فيحتج الله يوم القيامة على جيرانه فيقال لهم : ألم يكن فلان بينكم؟ ألم تسمعوا كلامه؟ ألم تسمعوا بكاءه في الليل؟
__________________
(٢) بحار الأنوار / ج (٧) / ص (٢٨٥ ـ ٢٨٦).