نطق رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والائمة عليهم السلام فقالوا : أنت ربنا ، فحملهم العلم والدين ، ثم قال للملائكة : هؤلاء حملة ديني وعلمي ، وامنائي في خلقي ، وهم المسؤولون» (٢)
ثم اتخذ الله ميثاقا آخر من رسله قبل ان يبعثهم بالرسالة ، وكان هذا الميثاق بقوة الميثاق الاول.
ومن يبعث رسولا يتخذ منه الميثاق ، لكي يتحمل الرسالة بكلّ أمانة ، ولان النبي يتعرض لانواع الضغوط ، يجب ان لا يخضع للظروف والوسط الاجتماعي ، فان الله يذكره بين الحين والآخر بذلك الميثاق عبر آياته ، بالرغم من ان النبي منصور من عند الله بالوحي وبروح القدس ، ذلك الملك العظيم الذي يؤيد الله به أنبياءه والائمة ، ولعل الوحي كما روح القدس لم يكن أرفع شأنا من القرآن ذاته ، لأنه كلام الله. وهل رفعة درجة الوحي الا بكونه الواسطة التي تحمل القرآن الى النبي؟ وهل منزلة الرسول (ص) الا بتجسيده كتاب الله وحمله له؟
والقرآن أعظم مؤيد للرسول ولمن يتبعه ، لأنه يثبت قلوبهم ، ويزيد في إيمانهم وتوكلهم على الله ، بما يذكر به من الآيات والسنن الالهية ، والحوادث السابقة التي تكشف عنها ، والقرآن موجود بين أيدينا ، فيمكننا أن نستوحي منه بصائر الحياة والعمل ، ونستمد منه العزيمة والايمان والتوكل ، ونحن نسير في خط الأنبياء. ولما كان الرسول يواجه ضغوط المنافقين والكفار ، ويستعد لحرب الأحزاب التي تجمعت واتحدت ضده ، جاء القرآن تأييدا له على الاستقامة أمام كل ذلك ، فكان لا بد من تذكيره لميثاقه مع ربه ، على العبودية والإخلاص له ، مما يستوجب عدم الانهيار أمام هذه الضغوط ، باعتباره يناقض الميثاق.
__________________
(٢) نور الثقلين / ج (٢) / ص (٩٢) / رقم (٣٣٧).