ثم يذكّر السياق بقصة الأحزاب التي تشتمل على كثير من العبر والحكم التي من بينها :
الحكمة الأولى : تأييد الله للمؤمنين ، فقد أيّد الله رسوله والمسلمين في هذه الحرب بجنود لم يروها ، قيل انها الملائكة ، وقيل هي الريح التي سلطها على الأحزاب ، وقد تكون الرعب الذي قال عنه الرسول (ص):
«نصرت بالرعب مسير أربعين يوما»
أو هذه جميعا.
المهم أنّ الإنسان مهما يهيء من الوسائل المادية ، فقد تتأثر بعوامل لا يستطيع ضبطها ، وهي ما نسميها بالصدف ، أو هامش الاحتمالات.
والكفار حينما ساروا لحرب المسلمين يومئذ كانوا قد أعدوا العدة للقضاء عليهم ، ولم يكن في بالهم ان شيئا يمنعهم عن المسلمين ، ولكنهم انهزموا وخسروا المعركة ، وكان السبب المادي الظاهر هو الخندق الذي حفر حول المدينة ، وعموم ما استخدمه وهيّأه الرسول من الوسائل والاساليب للمعركة ، ولكن العامل الامضى والأهم أثرا هو الجنود التي لم يلحظها المسلمون بأعينهم ، وإنما جاءت إشارة القرآن الى هذا العامل الحاسم في الانتصار بهدف إعطاء الثقة للرساليين عبر الأجيال ، بأنهم يجب ان يعتمدوا بعد الاستعداد وبذل قصارى الجهود ، على نصر الله لا على ذواتهم ووسائلهم المادية.
الحكمة الثانية : كما تؤكد الآيات على الابتلاء الذي يعرض الله له المؤمنين ، وانه من أهم اهداف الحروب والغزوات ، فمنهم من يستفيد من البلاء والابتلاء ، في تثبيت ايمانه ، ومنهم من يتزلزل ولكنه يعود ليصلح مسيرته ، ومنهم من ينهار