تماما ، والمؤمن الذي يسقط ثم يعود الى الصواب ثانية ، قد يكون أقدر على الاستمرار ، من الآخر ، الذي لم يسقط ولا مرة ، لأنه جرب السقوط ، فعرف كيف يجب ان يقوم لو سقط مرة أخرى ، كالجسم الذي يبتلى بجرثوم معين ، ثم يطيب منه ، فانه يكتسب شيئا من المناعة ضده ، لو عاوده من جديد ، لكن هذا الجرثوم نفسه قد يفتك بالآخرين الذين لم يبتلوا به ، وبالتالي لا يملكون مناعة ضده.
والذي يصنعه الابتلاء للإنسان المؤمن ، انه يطهر قلبه من أسباب الشك والتردد ، ويمكننا ان نحدد أهم أهداف الابتلاءات والمصاعب التي يعانيها الإنسان في حياته في أمرين
ألف : تمحيص قلوب المؤمنين.
باء : تمحيص المجتمع. ففي الظروف الصعبة كالحروب يفرز المؤمن عن المنافق ، مما يكشف الواقع أمام القيادة ، وبالتالي يتسنى لها إبعاد المنافقين من تجمعها (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ). (٣)
الحكمة الثالثة : تبين لنا الآيات أنواعا من التبرير والاعذار التي يتشبث بها المنافقون من أجل التستر على نواياهم ، وفرارهم من المسؤولية ، ومن بينها قولهم : «إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ» فرارا من الحرب ، دون التفكير في صحتها. وعلى القيادة الرسالية ان تشخص الأفكار التبريرية وتدحضها.
بينات من الآيات :
(٧) لا يبعث الله النبي رسولا حتى يتعهد بعدم الخضوع لسائر الضغوط ، سواء
__________________
(٣) آل عمران / (١٧٩).