ان الهزيمة امام الأعداء مظهر من مظاهر ضعف الايمان بالله وتعلق القلب بالشركاء من دونه ، وهكذا ينسف القرآن هذه الفكرة بقوله :
(وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)
(١٨ ـ ١٩) ثم يذكرنا القرآن بجانب من صفات المنافقين وهي :
أولا : انهم يبحثون عن أمثالهم ، أولا أقل مثلهم عمليا ، فاذا بهم يثبطون أناس عن المواجهة مع العدو عند الحرب ، حتى يكون المجتمع مثلهم فيتخلصون من اللوم وممن يسمهم بالجبن.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا)
اي المثبطين الذين يبثون روح الهزيمة والضعف في المجتمع ، و «قد» تفيد التأكيد وليس الإمكان والتحقيق.
ثانيا : الجبن وعدم الإقدام ، وقليلا ما يتواجدون حين المعارك الحاسمة ، وهكذا فان الصعوبات والمشاكل هي التي تكشف المنافقين على حقيقتهم فاذا بهم ـ وقد ادعوا الشجاعة سابقا ـ تخور عزيمتهم في لحظة المواجهة ، وتدور أعينهم من الخوف ، كما المغشي عليه من الموت ، وإذا انجلى الخطر بصمود المؤمنين واستقامتهم في ساحة الصراع تجدهم مرة أخرى بألسنتهم السليطة يشتمون ويحمّلون الآخرين المسؤولية ، وحدة كلامهم تكون بمقدار هزيمتهم وجبنهم في الأزمات.
(وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً* أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ)