الأشخاص والاحداث التي تدور حولها ، والآيات تؤكد بأنها مستقيمة على رسالة ربها ، لا تلويها الأحداث المتطورة ـ بما تحمله من ضغوط واغراءات ـ ولا يؤثر في مسيرتها الأشخاص الذين يحوطونها لأنها تتبع هدى الله فتحدد موقفها من الأحداث ، وتستجيب لما يتفق مع هذا الهدى إذا اقترحه الآخرون ، وترفض ما سواه مهما كان صاحب هذا الرأي قريبا أو معتمدا عندها ، ومهما كانت الظروف.
ومن أبرز وأهم الحوادث في حياة القيادات هي الحرب ، والقيادة الرسالية التي تجسدت يومها ـ في حرب الأحزاب ـ في أفضل وأكمل صورها في الرسول الأعظم محمد (ص) كالجبل الأشم ، لا تزلزلها العواصف ، بل تتحدى متغيرات الزمان والحرب وفرار المنافقين وتعويقهم ، وبالذات هزيمتهم في حرب الأحزاب التي هي أقسى وأشد الحروب خطورة على رسول الله وعلى الأمة الاسلامية آنذاك ، من الناحية العسكرية ، فالرسالة في أول انطلاقتها ، والقيادة كما الأمة في بداية نشأتها وتكونها ، وقد جمع الكفار فلو لهم من كل حدب وصوب.
صحيح ان غزوة أحد كانت أعمق أثرا من الناحية النفسية على رسول الله (ص) حيث ترك عمه حمزة سيد الشهداء مجندلا ، تلوك كبده هند ، كما أن ثلة من أصحابه الخلّص لقوا مصرعهم فيها ، إلا أن حرب الأحزاب كانت الأشد والأقوى عسكريا ، وكان نصر الله للمسلمين في هذه الحرب دليلا واضحا على نصرة الله لعباده المؤمنين ، كما أن استقامة القيادة الرسالية المتجسدة في شخص الرسول (ص) يومذاك واستقامة من يحيطون به من صحبه الخلص ، دليل على النموذج الأرقى للقيادة التي يجب ان تقاوم الحوادث المتغيرة ، والظروف الصعبة ، وعموم ضغوط الحياة ، فعظمة القيادة ومسئوليتها تتجلى في استقامتها ومقاومتها للنكسات والظروف السلبية التي تعصف بالامة وبالتجمع الذي تقوده.