تقتضي تسبيح الربّ ، لكي يطمئنّ الإنسان إلى خالقه الذي جلّ عن التغيّر ، والذي يهيمن على اختلاف الزمن.
إنّ تسبيح الله وحمده طرفي الليل ووسط النهار يمنع النفس من تقديس الطبيعة التي تعكس في هذه الحالات هيبتها عليها ، ومن الناس من يعبّر عن ذلك بالسجود للشمس والقمر ، وتقديس الأشجار والأحجار .. وإنّ تسبيح الله وحمده يتسع مع آفاق الخليقة حتى يشمل السموات والأرض ، فلا ينظر العارف بربّه إلى شيء إلّا ويتجلّى له الربّ بجلاله وجماله فيتوهّج فؤاده تقديسا وحمدا.
وقد عبرت الآيات هنا عن اتساع تسبيح الله وحمده عبر آنات الزمان وآفاق المكان ببيان رائع وإيجاز بليغ فقال : فسبحان الله ، وقال : وله الحمد. هكذا بصفة عامة دون أن يذكر ذاكر التسبيح وقائل الحمد ، لان كل شيء يسبّح له ويحمده ، وتسبيح الله وحمده هو مقتضى تحوّل الحالات بتدبير حكيم ، ذلك أنّ انتقال الوقت من المساء إلى النهار ومن النهار إلى المساء يعني وجود نقصا في الطبيعة ، فالطبيعة ليست ثابتة ، وإنّما هي متغيّرة ، فنستدلّ بهذا النقص على أنّ ربّها ومقدّرها ليس بناقص ، ولأنّ لكل متحرك ثابتا يحركه ، لذلك كل ما نرى في الطبيعة من نقص نسبح الله ، فالنقص في الطبيعة أمر حق ، وقد كان القدماء يستدلّون على الله بأنّ العالم متغيّر ، وكل متغيّر حادث ، وكل حادث يحتاج إلى محدث ، والمحدث هو الله. وجوهر هذا الاستدلال صحيح.
فالطبيعة أعجز من أن تخلق نفسها ، أو تديرها ، فلا بد لها من خالق مدبّر ، وهكذا استدلّ إبراهيم (ع) لما رأى أقول كلّ من الشمس والقمر والكوكب.
ونستوحي من الآية أنّ مواعيد الصلاة مرتبطة بتغيّرات الطبيعة لا بحسب الساعات ، كالساعة العاشرة مثلا ، لأنّ الساعة العاشرة ليست حدثا في الكون ،