الرسالات كانت تنسخ بعضها بعضا ، وتهيمن على التي قبلها لأسباب من أهمها التكامل ، حتى جاءت الرسالة المحمدية خاتمة لكل الرسالات ، لأنها في آخر المراحل ـ وهذا من معاني الإحاطة ـ فلم يكن بدعا ، ولا خلافا للحكمة أن يبعث الله رسوله الأكمل في آخر مرحلة.
(وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)
ولعل خاتمة الآية تشير أيضا إلى أن الله ضمّن رسالته الخاتمة كل ما احتاجته وتحتاجه حياة البشرية حتى قيام الساعة ، وذلك لإحاطته علما بكل ما قد يقع ، وكيف يقع ، وما هي حاجة الناس عند ما تتطور حياتهم. أو ليست البشرية تتطور في اطار سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير ، أو ليس الله عليما بتلك السنن التي أجراها؟! بلى. ولذلك جعل رسالته الخاتمة مهيمنة على تلك السنن.
(٤١) وحتى يعرفنا الله بهذا الرسول العظيم يعرفنا بنفسه أولا ، وذلك حين يدعونا لذكره.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً)
لان أجل الإنسان مستور عنه ، ولا يعلم أي خاطرة أو كلمة أو حركة تكون هي خاتمة حياته ، فلعل خاطرة الانحراف ، أو كلمة الخبث ، أو حركة السوء تكون نهاية المطاف ، فتهوي به سبعين خريفا في النار ـ كما يقول الرسول (ص) ـ وهكذا يجب عليه أن يستقيم على الحق بقلبه ولسانه وجوارحه وذلك بذكر الله ، الذي يعني اتصال قلب الإنسان بربه عز وجل ، قال الامام الصادق (ع) : «ما ابتلي المؤمن بشيء أشد عليه من ثلاث خصال يحرمها ، قيل وما هي؟ قال : المواساة في ذات يده ، والإنصاف من نفسه ، وذكر الله كثيرا ، أما اني لا أقول : سبحان الله