ذلك أن من طبيعة البشر أنه يريد ان يكون مطلقا كما يهوى ، وليس من شيء يواجه هذه الطبيعة كالتقوى لما توجده من إحساس بالرقابة الالهية الدائمة وجاء في أحد التفاسير : «وَاتَّقِينَ اللهَ» في نقل الكلام من الغيبة الى الخطاب دلالة على فضل تشديد فيما أمرن به من الاحتجاب والاستتار ، أي واسلكن طريق التقوى فيما امرتن به ، واحتطن فيه. (٤)
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً)
الصلاة على النبي :
(٥٦) في سياق الحديث عن عظمة الرسول والأحكام التي يتميز بها يدعوا الله المؤمنين الى الصلاة عليه ، والتسليم لقيادته ، فلا يكتمل علاج المحيط الاجتماعي الا من خلال الصلاة على الرسول (ص) والتسلم له ، فما هو معنى الصلاة على النبي؟
لعل أصل معنى الصلاة هو التعطف والترؤف ـ كما ذكرنا آنفا ـ أما الصلاة على النبي فهي الدعاء الى الله بأن يرحمه ، ويرفع درجته ، ويبلغه المقام المحمود الذي وعده ، أما صلاة الله على نبيه ، فبالنسبة الى الله تأخذ الكلمات غاياتها وتترك مبادئها ، فحينما نقول بان الله يحب ، ويبغض ، وينتقم ، فليس المعنى انه تطرأ عليه هذه الحالات ـ سبحانه ـ فتغير فيه شيئا كما تغير في نفوسنا وأجسامنا ، انما تصدق على الله الغايات منها ، فعطفه على الإنسان هو هدايته له ، وانعامه عليه ، وصلاته على نبيّه ، انه يستجيب الدعاء في حقه ، وبسببه.
وصلاة الملائكة على الرسول (ص) تعني الدعاء له عند ربهم ، وتأييد تابعية ،
__________________
(٤) تفسير جوامع الجامع / ص (٣٧٧).