وعند قيام الساعة يتجلى الجزاء بأبرز صوره ، حيث لا ينفع تشكيك الكفار بها ، وحيث يحيط الرب علما بكل شيء ، لا يعزب عنه مثقال ذرة ، وحيث الجزاء الوافر للصالحين ، والعذاب الأليم لمن يسعون في آيات الله معاجزين (معاندين ومتحدين) (٣)
وينقسم الناس فريقين تجاه الوحي : فبينما يراه أهل العلم هو الحق ، يستهزأ به الكفار ، ويقولون : هل الرسول مفتر أم به جنة؟! كلا .. بل أنهم لا يؤمنون بالآخرة فهم في العذاب والضلال البعيد.
وينذرهم الذكر بأن كفرهم برسالات الله قد يعرضهم لعذابه ، الذي ان شاء خسف بهم الأرض أو أسقط عليهم من السماء كسفا (٧).
ويعرض السياق صورتين للحضارة : أولهما صالحة حيث استمرت ، بينما الثانية دمرت لفسادها ، وهما بالتالي صورتان بارزتان لواقع الجزاء والمسؤولية.
فلقد آتى الرب داود فضلا ، وألان له الحديد ، وعلّمه صنعة الدروع السابغة ، وسخر لسليمان الريح ، وسخّر له الجن ، وأمر داود وسليمان بالشكر له ، فاستمرت حضارتهما الى ما بعد موت سليمان ، الذي ما دل على موته إلا الأرضة التي أكلت عصاته ، فعلمت الجن أنهم بقوا في العذاب لجهلهم بالغيب (وبالتالي لا يجوز الاعتماد عليهم للهروب من الجزاء كما زعم الجاهليون).
أما الصورة الثانية فتتمثل في قصة سبأ ، الذين أتاهم الله جنتين عن يمين وشمال ، وأمرهم أيضا بالشكر ، فأعرضوا ، فأرسل عليهم سيل العرم.
ومثلهم مثل القرى الآمنة التي بارك الله فيها ، فكفرت ، فجعلهم الله أحاديث يعتبر بها كل صبار شكور (١٠).