قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

من هدى القرآن [ ج ١٠ ]

419/504
*

وهكذا تتركز المعرفة ثم تتسع وتعود بعدها لتتركز مرة أخرى. في البدء نتعرف على أن ربنا حميد وحكيم وخبير ، ثم نفتش في الحياة وإذا بها تدلنا بما فيها من سنن وأنظمة على ذلك ، والنظرة الكلية للحياة (الفلسفة العامة) يجب أن توفر للإنسان الإجابة على السؤال التالي : ما هي السنن والأنظمة العامة التي تسير الحياة؟ وبتعبير آخر : ان الحكمة (الفلسفة) هي التي تبصرنا بحقيقة أنفسنا ، وما يحيط بنا من الخلائق ، وبما تحكمها من سنن ثابتة ، وبالتالي تجعلنا قادرين على معرفة أفضل وعمل أصلح. وهذه الحكمة نجدها مفصلة في كتاب ربنا الحكيم ، وأكثر آيات الذكر تبصّرنا بتعابير ظريفة يستطيع أن يستوعب مضامينها حتى الطفل الصغير ، وبشكل متكامل ، فقوله الحمد لله الحكيم الخبير يشتمل على حقائق كثيرة في الحكمة العامة ، لأنه يحدّد بداية الكون ونهايته وهدفه ، وانه قائم على علم ونظام يتجليان في كل جزء وجزء منه ، لأنّ خالقه هو الله الذي يملك السموات والأرض حاضرا ومستقبلا مما يوجب علينا الحمد له في كل مكان وزمان.

والخبير هو المحيط بدقائق الأمور نظريا وعمليا ، ومن مصاديق خبره انه يحيط علما بكل ما يلج في الأرض وما يخرج منها حتى الغازات التي تمتصها الأرض أو التي تلفضها ، يعلم الله وزنها وحجمها وطبيعتها ، كما يحيط علما بكل ما ينزل من السماء وما يعرج إليها ، وألطف ما يعرج هو النية الحسنة والعمل الصالح اللذان يرفعهما الله.

ثم يشير السياق الى أحد تجليات الحكمة الالهية ، حينما يذكرنا بأنّ الله عادل في جزائه للناس ، فالذي يعمل الصالحات يجازيه بالمغفرة والرزق الكريم ، بينما يعذب الذين يعملون السوء برجز أليم.