وهكذا اتبعه الناس أجمعون ، الا مجموعة من الناس هم الفريق المؤمن بالله واليوم الآخر.
(فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
ولا يدل هذا الاستثناء ، على ان الفريق الآخر من المؤمنين اتبعوا إبليس ، إذ معنى «من» هنا التفسير والبيان ، أي اتّبعه الا فريقا وهم المؤمنون.
ومن أهم مصاديق صرف الشيطان للإنسان عن الحق هو إضلاله عن اتباع القيادة الصادقة ، وهذا ما يفسر الروايات التي جاءت مؤوّلة الآية الكريمة بأنها تعني القيادة الرسالية. (٢)
(٢١) ولكن هل جبر الانصياع الى أمر إبليس ، حتى يبرر الإنسان انحرافه بأن لا حول له ولا طول تجاه ضغوطه واساليبه الماكرة؟ بالطبع كلا .. والله ينفي هذه الحتمية بعد الاشارة الى عدمها ، من خلال تقسيم الناس الى مطيعين لإبليس ومخالفين له ، إذ لو كانت حتمية تقضي بالخضوع له لما تمرد عليه فريق المؤمنين ، فالناس إذن هم الذين يقررون طاعة الرب أو اتباع إبليس.
(وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ)
يقهرهم به ، بلى. ان وسائل الشيطان والطغاة كثيرة وماكرة ، ولكن الإنسان قادر على مواجهتها ببصيرة الإيمان ، وسلاح التوكل ، ولو تسلح بهما لما أضعفت نفسيته ولما ضللته وسائل الاعلام والتوجيه المنحرفة وغيرها.
والله يؤكد ان الهدف في خلق إبليس ليس إضلال الناس ، فحاشا لله ان يريد
__________________
(٢) راجع نور الثقلين / ج (٤) / ص (٣٣٣ ـ ٣٣٤).