تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (١) وانما لا يستجيب غالبية الناس للرسل ببشارتهم وإنذارهم لجهلهم ، فاذا رأيت أغلب الناس كفّارا فلا تستوحش من ذلك ، ولا تظنّ بان ذلك دليل على ضعف أدلة الرسالة ، بل على ان الايمان ـ كما العلم ـ درجة رفيعة لا يبلغها إلّا الصفوة من الناس.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)
فهم لا يؤمنون.
(٢٩) (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
ويتشبث الإنسان بتبرير فاسد آخر حين يتساءل : إذن أين الجزاء؟! لماذا يتأخر عن المجرمين؟! إذا كنتم صادقين في ان لكل عمل صالح جزاء حسنا يبشر به الرسول ، ولكل جريمة عقابا ينذر به.
(٣٠) ويبطل السياق هذا التبرير أيضا بان الجزاءات ، وان تأخيره لأجل محدود ، وانه حين يحين ميعاده لا يتأخر ساعة ولا يتقدم.
(قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ)
وقد أخفى الله أجل الإنسان ، فهو لا يدري متى يوافيه الموت والجزاء ، ولعل اي لحظة يمر بها تحمل في طياتها أجله ، مما يدعوه الى التسارع والمبادرة لعمل الخير ، والاستقامة عليه. يقول الرسول (ص) لابي ذر (رض):
«يا أبا ذر! اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل
__________________
(١) فاطر / (٢٨).