المستكبرون فيها ، ويعيثون فسادا ، ويتبعهم المستضعفون زاعمين أن ذلك يلقي المسؤولية عن كاهلهم ، ويجعلهم مبرئين من الجرائم التي يرتكبونها بحق بعضهم ، ويقولون : المأمور معذور ، وكأن الله أمرهم باتباعهم ، أو انه خلقهم مستضعفين وجعل أولئك مستعلين عليهم.
(٣٣) ومن صور الفكر التبريري الذي يعتمده الإنسان : اعتقاده بأن الزمان هو الذي يفرض عليه نوعا من السلوك ، فيلقي عليه اللوم!
(وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً)
والكفر بالله ليس بالضرورة نفي وجوده بقدر ما هو تحدي رسالاته ، واتباع الأهواء ، أو الأشخاص ، أو القوانين الوضعية ، وهذا ما يبعث على الإنسان بالندامة يوم الحساب ، حيث يتبرأ منه الأنداد المزيفون ، ويكتشف أنهم لا ينفعونه بل يضرونه ، وان الكلمة الفصل هناك لله الحق.
(وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ)
ولات حين مندم.
(وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا)
وحتى يقاوم الإنسان فكرة إلقاء المسؤولية على الآخرين ، يؤكد القرآن مرة أخرى بان ما يلاقيه الإنسان في الآخرة من ألوان العذاب وصنوفه هو جزاء أعماله في الدنيا ، وأساسا ـ في الرسالة الإلهية ـ الجزاء من جنس العمل ، فالصلاة التي يقيمها المؤمن في الدنيا تتحول حورية في الآخرة ، وعلى العكس فان الغيبة تصبح