وقد ادعى هتلر انه مكلف من قبل الله سبحانه بأن ينقذ الشعب الالماني ، وكان رمزه الصليب المعكوف ، وهكذا المستكبرون في الغرب اليوم ، والقرآن يواجه كل هذه القوى الجاهلية التي تستعبد البشر باسم الدين بأنها ضالة ما لم ينزل الله عليهم سلطانا مبينا.
كما يجعل القرآن الناس امام مسئولياتهم مباشرة ، من دون واسطة أدعياء الدين ، لكي يقطع الطريق على وعاظ السلاطين ، وتجار الدين فلا يستغلوا سذاجة الناس ، ويحذروهم باسم الدين ، ويحرفون كلمه لقاء دراهم معدودة ، يتلقونها من الحكام.
(٣٦) لماذا يتوسل الناس بالشركاء والأنداد من دون الله؟ السبب قد يكون التبرير الشرعي الّذي نسفه السياق آنفا ، وقد يكون الزعم بأنهم يرزقونهم من دون الله ، والّذي يعالجه القرآن من الجذور ويقول :
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها)
اي أحسوا بالبطر والغرور ، ويبدو ان الفرح هو حالة الاحساس بالإشباع والاستغناء ، وهي حالة ذميمة نهى الله عنها على لسان قوم قارون إذ قالوا له : «لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ» ولكنها حالة حميدة إذا اتصلت بالله ، فمن استغنى بالله أحس بالقوة بتوكله عليه.
وقد أمر الله بذلك إذ يقول :
(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (١)
__________________
(١) يونس / (٥٨).