(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)
فان السيئات لا تصيب البشر الا بسبب ذنوبهم ، وعليهم ان يغيّروا واقعهم الفاسد حتى يغير الله ما بهم ، ولكنهم يصابون بالقنوط بعد السيئة.
(إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)
ويستوحى من كلمة «إذا» ان القنوط يداهمهم فجأة ، وذلك بسبب ضعف نفوسهم ، وضيق أفق التفكير عندهم ، والآية تبصرنا بعدة حقائق :
أولا : ان الجهل بالله يجعل القلب متقلبا بين الغرور والقنوط ، بينما الثقة بالله تتسامى بالقلب فوق النعم ، فلا يبطر بها ، والنقم فلا ييأس بسببها.
والقلب الجاهل بربه والمتطرف بين البطر واليأس هو الميت المنكر لله ، المشرك به ، إذ ترى صاحبه يهوى الى درك التسليم لأصحاب الثروة والسلطة رجاء وفدهم ، وخشية حرمانه.
ومن هنا تجد المؤمنين يدعون ربهم الا يحوجهم الى لئام خلقه ، بل لا يبتليهم بالحاجة الى غيره لكي لا تميل نفوسهم الى غير الله ، فيزعمون انهم الرازقون لهم ، جاء في رائعة مكارم الأخلاق :
(اللهم اجعلني أصول بك عند الضرورة ، وأسألك عند الحاجة ، وأتضرع إليك عند المسكنة ، ولا تفتنّي بالاستعانة بغيرك إذا اضطررت ، ولا بالخضوع لسؤال غيرك إذا افتقرت ولا بالتضرع الى من دونك إذا رهبت فاستحق بذلك خذلانك ومنعك واعراضك يا ارحم الراحمين) (٢)
__________________
(٢) الامام علي بن الحسين (ع) / مفاتيح الجنان / ص (٦٠١)