قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً» (١) ، وقوله تعالى : «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ» (٢) ، وقوله : «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ» (٣) ، فهلاك يوسف اندثار رسالته ، وعدم التقيّد بها ، وهلاك المرء انتهاء دوره حتى أنّ الكلالة يتقاسمون إرثه ، وكذا في الآية الثالثة حيث يتمّ تلاشي كلّ شيء إلا وجه الله ، كما قال ربّنا سبحانه : «كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ».
والله القادر على الأحياء والاماتة هو القادر على البعث والنشور.
(ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)
إذا كان يوم القيامة لا ريب فيه ، فلما ذا نرى أكثرهم لا يعلمون بها؟
بلى. يوم القيامة لا ريب فيه واقعا ، أي لا محالة واقع ، وليس في ذلك تردّد ، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون بهذا الواقع ، ولا يغيّر جهل البشر من الواقع شيئا ، فنحن نجهل ـ مثلا ـ وجود منظومة شمسية في آخر آماد هذا الفضاء ، فهل يجعل جهلنا بها وجودنا عدما؟ كلّا .. ولعلّ هذه الآيات في القرآن تعالج حالة نفسية عند البشر أنّه يزعم أنّ مجرد شكّه في شيء يجعله في حلّ من الالتزامات المرتّبة على وجوده ، وبالتالي يتجاهل أشياء واضحة بزعم أنّه يدرأ عن نفسه أخطارها ، كالنعامة التي تخفي رأسها زاعمة أنّها إذا لم تر الصيّاد فإنّه لا يراها! كلا .. الواقع واقع ، سواء آمنت به أو لم تؤمن ، فإذا كان ذلك الواقع كيوم القيامة الرهيب فإنّ تجاهله مأساة حقيقية للإنسان.
[٢٧] (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ
__________________
(١) غافر (المؤمن) / (٣٤).
(٢) النساء / (١٧٦).
(٣) القصص / (٨٨).