(فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ)
وانما ينتفع الإنسان بهذه الجوارح إذا كان مؤمنا بآيات الله ، أمّا إذا كفر بها فإنه سوف يخطأ المنهج السليم للانتفاع بها .. أرأيت الذي يملك أفضل وسيلة سير ثم يخطأ السبيل فهل تنفعه وسيلته لبلوغ غايته إذا كانت وجهة سيره خاطئة؟! كذلك الذي لا يؤمن بالحقائق الكبرى ثم لا يستفيد من معرفته بالحقائق الجزئية التي تقع في اطارها ويكون مثله كالذي لا يعترف أنّ عدوّه يمتلك قنبلة نوويّة ، ثم يجدّ في معرفة عدد دبابات العدو .. انه سيخسر المعركة قطعا حتى إذا عرف كلّ حقيقة في سلاح المدرعات عند العدو.
هكذا من لا يعتقد بقوّة الله التي أرسلت على قوم عاد تلك العاصفة الهوجاء ، التي دمّرت كلّ شيء بإذن ربّها ، أو التي أخذت فرعون وجنوده ونبذتهم في اليمّ نبذا. إن مثل هذا الرجل لن ينتفع شيئا بمعرفته مثلا بأصول الهندسة ، أو كيفيّة تنظيم الجيش ، لأن كل ذلك وضع في مواجهة أخطار بسيطة ، أما مقاومة تغيير طبيعي هائل فانه فوق قدراتنا المنظورة .. تماما كالذي يجهد نفسه في بناء خندق عميق في مواجهة سلاح ذريّ .. إنه مغرور لأن الخندق انما أنشئ لمواجهة سلاح تقليديّ وليس سلاحا ذرّيّا.
وهكذا السمع والأبصار والأفئدة انما هي أدوات لمواجهة أخطار عاديّة ، ولا تنفع الذي يخالف إرادة الله شيئا.
(إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
من الحقائق الكبيرة التي جحدوها ، وسخروا منها. انها نزلت بهم كالصاعقة ، وتنزل بمن يسير في خطهم الباطل.