يمنعونه عن سيئات عمله ، ويغنون عنه من الله شيئا.
كلّا .. الجن كالإنس خلق برأهم الله ، وهم بحاجة إلى الرسالة ، وانّ الرسل الذين يبعثون إلينا هم النذر المرسلون إليهم أيضا .. وإذ يحدّثنا السياق هنا عن قصة استماع الجن للقرآن وإيمان نفر منهم ثم انصرافهم الى قومهم منذرين فإنّه يصحّح بذلك تلك الصورة المشوّهة عنهم في أذهان كثير من الناس حيث يزعمون بأنّ الجن مصدر كلّ شر وخبث ، كلّا .. بل منهم المؤمنون الذين يحملون رسالات الله إلى قومهم.
ويبدو من خطاب القرآن إليهم في آيات عديدة أنّهم مكلّفون به ، وأنّهم متعايشون معه ، ولكنّنا حتى الآن محجوبون عنهم ، كما يظهر أنّهم مجزيّون على إيمانهم وأعمالهم كما الإنس سواء بسواء ، فلا يجوز أن يستعيذ بهم الإنس لأنّهم يزيدونهم رهقا.
(وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ)
أي ألهمنا نفرا من الجن الحضور عندك ، أو حملناهم على المرور بك من دون تقدير منهم.
(يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ)
قالوا : في أثناء عودة الرسول (ص) من سوق عكاظ نزل بمكان يقال له : مجنّة ، نسبة إلى الجنّ ، فبات فيه ، وكان من عادته (ص) انه يبيت لربه ساجدا قائما ، يتلو أجزاء القرآن يرتّلها ترتيلا ، وبينما كان يتلو القرآن مرّ به نفر من الجن قالوا كانوا من أهل نصيبين ، فإذا بهم يسمعون ذكرا عجبا.
(فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا)