دعونا نستمع لهذا الذكر!
وقد ذكر المفسرون هنا قصة رحلة النبي (ص) إلى الطائف التي التقى في العودة منها بالجن ، وهي رحلة حافلة بالدروس والعبر ، بالذات فيما يتصل بالصبر والاستقامة اللذين أمرنا بهما في نهاية السورة ، ولهذا نجد من المفيد بيان أبعاد هذه الرحلة الجهادية العظيمة.
قال المفسرون (ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم): لمّا مات أبو طالب خرج النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وحده إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصرة ، فقصد عبد يا ليل ومسعودا وحبيبا وهم إخوة بنو عمرو بن عمير ـ وعندهم امرأة من قريش من بني جمح ، فدعاهم إلى الإيمان ، وسألهم أن ينصروه على قومه ، فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك! وقال الآخر : ما وجد الله أحدا يرسله غيرك! وقال الثالث : والله لا أكلّمك كلمة أبدا ، إن كان الله أرسلك كما تقول فأنت أعظم خطرا من أن أردّ عليك الكلام ، وإن كنت تكذب فما ينبغي لي أن أكلّمك. ثمّ أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويضحكون به ، حتى اجتمع عليه الناس والجؤوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة ، فقال للجمحية : «ماذا لقينا من أحمائك»؟ ثم قال : «اللهمّ إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي ، وقلّة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت ربّ المستضعفين ، وأنت ربّي ، لمن تكلني! إلى عبد يتجهّمني ، أو إلى عدوّ ملّكته أمري! إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك من أن ينزل بي غضبك أو يحلّ عليّ سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوّة إلّا بك» ، فرحمه ابنا ربيعة ، وقالا لغلام لهما نصراني يقال له عدّاس : خذ قطفا من العنب وضعه في هذا الطبق ثم ضعه بين يدي هذا الرجل ، فلمّا وضعه بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال النبي