يبدو أنّهم كانوا ذاهبين إلى مهمّة مّا ، ولكنّهم حينما استمعوا إلى القرآن عادوا دون أن يقوموا بمهمتهم ، لكي ينذروا قومهم.
[٣٠] وفيما يلي من الآيات نصّ الإنذار الذي حمله الجنّ إلى قومهم :
(قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى)
قالوا : إنّ الرسالة الحقيقة من بعد رسالة إبراهيم (ع) كانت رسالة الله إلى عبده وكليمه موسى (ع) ، وأمّا الإنجيل فقد كان تكميلا للتوراة ، كما قال الله عن لسان عيسى (ع) : «وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» (١) ، واستمرّت رسالة موسى إلى أن بعث الله نبيّنا الأكرم (ص) ، وخلال هذه الفترة ـ بين الرسالتين ـ بعث الله أنبياء ولكن ضمن رسالة موسى (ع).
(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ)
إنّ وحدة القيم والمبادئ والتعاليم والمناهج والشرائع في الرسالات الربّانية شاهد صدق على أنّها من عند الله الواحد ، ولو لا ذلك كيف تتناغم هذه المنظومة المتكاملة من المعارف والأنظمة عبر العصور المختلفة والبلاد المتفاوتة والرجال المتباعدين عن بعضهم في أكثر الأبعاد المادية؟
وهكذا اهتدى الجن إلى صدق الرسول من خلال النظر العميق في رسالته وأنّها تنسجم مع جوهر رسالات الله السابقة ، فهي صادقة كما أنّ ما سبقتها كانت صادقة.
ويا ليت شعري كيف كان يكفر بالقرآن من آمن حقّا بالتوراة ، والقرآن هو
__________________
(١) آل عمران / (٥٠).